سيحاول الباحثون الفرنسيون لأول مرة هذه السنة أن يجتازوا مسافة ألف كيلومتر بين القاعدة الفرنسية والقاعدة السوفيتية (فوستوك) الواقعة في قلب القارة البيضاء وستجرى هذه الرحلة التي لقبوها (غارة علمية) بواسطة عربات برمائية تكون للباحثين بمنزلة حجرات للسكن أيضا.
والمشتركون بهذه الغارة تسعة علماء فرنسيون، منهم ثلاثة مختصون بدراسة طبقات الجليد، وثلاثة بدراسة طبقات الأرض، واثنان مختصان بعلم (الحيل) أو الميكانيكا، فضلا عن طبيب مرافق للفرقة في اقتحامها للجبال المتجلدة.
والمراد من ذلك دراسة عمر هذا الجليد وأسباب انحرافه المتواصل.
وتمتد سهول الجليد في القطب الجنوبي على مساحة 14 مليون كيلومتر مربع، ولها تأثير حاسم على مناخ الكرة الأرضية. ويبتغي العلماء أن يعرفوا هذا التأثير ويتبنوه بأسلوب علمي دقيق.
ولابد من العلم أن 99 بالمئة من مجموع مياه الأرض العذبة إنما هي متجمدة بشكل جليد، وأن 90 بالمئة من هذا الجليد إنما هو متراكم في القطب الجنوبي.
واذا ذاب جليد القطب الجنوبي ذات يوم فإن مياه البحار ترتفع يومئذ عن سطحها الحالي مسافة 50 مترا وتغمر عندئذ نيويورك وباريس وموسكو الخ.
لهذا يريد العلماء أن يعرفوا ان كانت هذه الكتلة من الجليد كتلة ثابتة أم كتلة متحركة منزلقة. فيجوز الاعتقاد حينئذ أن الكرة الأرضية ستطرأ عليها مرحلة تبرد بل مرحلة تجلد أشبه بالعصور الجيولوجية الغابرة.
وتُجرى الآن محادثات بين علماء الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا واستراليا لتبادل المعارف المجتمعة لهم في هذا الشأن حتى الآن.
ولا ريب أنه ينبغي تكرار هذه الرحلات العلمية للاهتداء الى معارف يقينية ولابد من قياس كثافة الجليد في مواقع مختلفة. ففي بعض المواقع يظن أن كثافة الجليد تبلغ أربعة آلاف متر.
كما أن القطب الجنوبي أو القارة السادسة، حسبما يسمونه، منقسم الى قسمين غير متعادلين، وتخترقه سلسلة جبال طويلة قد ترتفع بعض القمم فيها حتى خمسة آلاف متر. وتحت الجليد جزر وسواعد يابسة ممتدة في البحر المتجمد.
| 
