تواصل البيت مع المدرسة أمر أكثر من ضروري, بل يمكن اعتبار ذلك الأساس الذي يمكن البناء عليه, والتطوير من خلاله في عملية التربية والتعليم وصقل شخصية الطالب.. وهذا التواصل له أسسه ومعاييره الخاصة التي يمكن أن تتوحّد في الرغبة والتخطيط لبناء جسر تربوي خاص بين المدرسة والبيت تعبر عليه خطوات الأبناء حيث يكونون أكثر ثقة وأبعد أهدافاً.
في البلدان المتقدمة في المجال التربوي والتعليمي يلعب مجلس الآباء والمعلمين ولقاءات أولياء الأمور بالكوادر التعليمية دوراً مهماً في بناء استراتيجية التعلم, وكذلك في تقييم المسيرة التعليمية والتربوية بعيداً عن التأثيرات الجانبية التي قد تشكّل عائقاً أمام الوصول إلى الهدف التربوي من أقصر الطرق, فكل شيء مسخر لخدمة المسيرة, وكل الجهود منصبة على تحديد المفاهيم التي يجب أن تتساير مع الجهود التطبيقية في المدارس, على اعتبار أن البيت هو المدرسة الأولى التي يتزود فيها التلميذ بالقيم التربوية والاستعداد لتقبل الجديد المستهدف, ولا تكاد تمضي مناسبة إلا ويتصدر جدول أعمال الملتقيات بين الآباء والمعلمين السؤال: كيف يمكن تطوير الأداء للوصول إلى أفضل النتائج؟؟ بل إن مثل هذه اللقاءات تستحوذ على الاهتمام الأقصى للفريقين قبل انعقادها, فيملآنها إعداداً وتخطيطاً وإحصاء , وتوضع لها مذكرة خاصة واستبانات متعددة لكل منها هدفه, وفي كل منها غاية تشغل بال الجميع.. عندنا يختلف الأمر كثيراً, فمع وجود البعض الحريص على متابعة هذه اللقاءات وحضورها ووضع المقترحات والخروج بالتوصيات إلا أن السواد الأعظم ينظرون إلى هذه اللقاءات على انها واجب يفرض ذاته على (أجندة) رجل الأعمال أو صاحب المنصب, وقد يرى الكثيرون فيها مناسبة اجتماعية يستعرضون خلالها شئوناً بعيدة عن الهدف الذي وضعت من أجله, أما الذين لايحضرونها نهائياً ولا يرون فيها قيمة يمكن الالتفات إليها فهم - للأسف الشديد - كثر, ولعل هؤلاء لا يعرفون أصلاً في أية فصول دراسية يعيش ابناؤهم أكثر مما يعيشون بينهم.
في مجتمعنا نحن تقف عقبة الأم - ولية الأمر - التي تقوم هي على تربية ومتابعة ابنها في مدارس البنين, وتصل المشكلة إلى ذروتها حين لا تستطيع الوقوف بنفسها على وضعه السلوكي وتحصيله الدراسي خصوصاً وأن المدارس التي تمتلك تقنية الدائرة التليفزيونية المغلقة لا يتعدى عددها لدينا أصابع اليد الواحدة!
منذ أيام قليلة وصلتني دعوة لحضور لقاء أولياء الأمور بالمعلمين, وكوني القائمة على تربية ابني ولعدم تواجد الرجل ولي الأمر, كان لابد لي من متابعة ذلك بنفسي.
اتصلت بالمدرسة وطلبت المسئول للتفاهم معه حول السبيل إلى إحاطتي بوضع ولدي, فقال لي - سينعقد لقاء أولياء الأمور بعد غدٍ - قلت موضحةً الظروف التي تجعلني أكلمه بنفسي - كيف لي أن أسأل أساتذة ولدي عن وضعه؟ قال: (يُستحسن حضور والده) قلت: إنه خارج البلاد في مهمة عمل - قال: من الممكن أن يحضر أخوه (قلت: هو أيضاً خارج البلاد للدراسة فهل من الممكن أن أقابل معلميه عبر الشبكة المغلقة قال: أتمنى لو كان لدينا مثل ذلك, قلت فهل يمكن أن أهاتفهم من مكان مخصص للأمهات في المدرسة؟ قال: أولاً ليس لدينا مثل هذا المكان, وثانياً: (وين نحط الأمهات؟)!
فتساءلت: فما الحل إذاً ؟!
أجابني بكل أريحية: (إن كان عندكم سواق خليه يجي)... وتاليتها!!
فاكس: 2051900 |