إن العلاقة الحيوية بين مفهوم التنمية من جهة والبيئة من جهة أخرى تتضح من خلال مخرجات وإفرازات التنمية وما قد تتركه من أثر على البيئة بمفهومها الشامل الذي يعني الحياة من منظور إنساني في تعاملات البشر مع المقدرات والموجودات، سواءً الطبيعية أو الصناعية، لدرجة أن هناك قلقاً عالمياً من كون قيود البيئة قد تؤثر على مسار عملية التنمية عندما تتجاوز هذه العملية اشتراطات البيئة!!
فكثير من مشكلات الصحة والفقر والعمل والإنتاج ترتبط بشكل رئيسي بغياب وتدني مفهوم الواقع البيئي النموذجي وتدني مفهوم التخطيط المنهجي للتنمية الذي يفترض أن يراعي مقومات البيئة كركيزة لبرامج العمل التنموي الناجح، ومعظم الرؤى المنهجية تؤكد أن المقومات الاقتصادية في كافة اتجاهاتها سلباً أو إيجابا لا تفسر كمعادلة اقتصادية مجردة فقط، بل تتأثر بدوافع ومحفزات هذه المقومات خاصة المرتبطة بالقيم البيئية المتوافرة في المجتمع. ونؤكد لكم أن تحسين الكفاءة الاقتصادية مرهون بتحسين البيئة أيضاً وهكذا.
وهناك مؤشرات على أن تحسين مستوى البيئة يسهم في تحسين مستوى المعيشة عن طريق تخفيض النفقات التي توجّه لمعالجة المشكلات البيئية، سواءً على مستوى الفرد أو الدولة؛ بمعنى أن البيئة يجب أن تكون ركيزة أساسية لبرامج التنمية، وفي الجانب الآخر لابد أن تكون هناك سياسات ونظم بيئية تعزز مسيرة التنمية.
وعلى المستوى الوطني هناك جهود تنظيمية للحفاظ على البيئة من خلال عدد من المؤسسات والهيئات، وتحتاج هذه الجهود إلى أن تؤطر بمفهوم عمل شمولي يسرع من عملية الحفاظ على البيئة، وبلورة مفهوم العلاقة بين البيئة والتنمية واقعياً.
ونحن نتطلع إلى القطاع الخاص الذي يستفيد من الوفورات الاقتصادية التي تتيحها عملية التنمية بأن يكون هناك دور مسؤول تجاه الحفاظ على البيئة، ولا شك أن هناك تجارب نموذجية في هذا الشأن يمكن محاكاتها، سواء في المجال الصناعي أو الزراعي أو الصحي، هذا من الناحية العملية. وعلى الصعيدين التوعوي والإعلامي لا شك أن التوعية هي حجر الزاوية في خلق مفهوم للقيم البيئية التي يمكن أن تبرزها وسائل الإعلام كقيم أخلاقية وسلوكية ووطنية وشرعية لغرسها في نفوس كافة شرائح المجتمع، ويجب على وسائل الإعلام أن تسهم بدورها الكبير في هذا الشأن.
والجهود التي تبذلها شركة الصافي من خلال الحملات التوعوية نموذج لعمل حضاري متميز ومسؤول من قبل القائمين عليها، كما أن جائزة الأمير عبد الله الفيصل لنظافة البيئة للناشئة وللإعلام ووجود جهة تنظيمية أو مظلة للعمل التوعوي المتمثل بنادي الصافي لأصدقاء البيئة يعززان هذه الجهود على المستوى المحلي، وجميع الجهود المبذولة والملموسة في هذا الشأن من قبل الصافي هي محل تقدير الجميع ويجب تشجيعها ودعمها.
ونحن في حائل التي تتوافر فيها مقومات بيئية متميزة تتيح فعلياً تطبيق العديد من البرامج والمشروعات التنموية (صديقة البيئة)، ولعل السياحة في كافة اتجاهاتها تأتي في المقدمة، كذلك الزراعة ونحن نسعى لخلق مواءمة ومزاوجة بين الاتجاهين، لعل حائل تكون نموذجاً في هذا الشأن كما أننا في الخطة الاستراتيجية للتنمية السياحية بمنطقة حائل التي أعدتها الهيئة العليا للسياحة بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل، استندنا إلى العديد من الجوانب المتعلقة بالبيئة المحلية لمنطقة حائل؛ للحفاظ عليها من جهة، ولضمان ديمومتها، سواء عند إعداد الخطط والبرامج والأنشطة وحتى الاستثمار السياحي الذي ستشهده المنطقة، إضافة إلى أن عملية تخطيط وتطوير منحة سمو ولي العهد الأمين لأهالي المنطقة (أرض الهيئة) التي تشكل ثلث مساحة حائل حرصنا أن تبنى العملية التخطيطية والتطويرية فيها على أسس تراعي البيئة بالدرجة الأولى.
في الختام نشكر جهود الصافي المتميزة في مجال التوعية بجهود ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد العبد الله الفيصل والعاملين معه، متمنياً لهذه الحملة النجاح والتوفيق، وأن يستمر التعاون بين النادي والهيئة العليا لتطوير المنطقة التي تعنى أيضا بالبيئة بشكل كبير في منطقة حائل، خاصة أن لدينا في الهيئة فريقاً للبيئة، كما يجري إنشاء جمعية أصدقاء البيئة بالمنطقة واستقطاب خبراء في البيئة للعمل في الهيئة.
|