على الرغم من تعدد وكثافة مصادر المعلومة من حولنا أو ما يسمونه بالانفجار المعلوماتي عبر تعدد وسائل الاتصال، إلا أن الكثير من خبراء التربية يؤكدون على أن البنيان المعرفي المتين القائم على أرضية متماسكة، لايتم إلا عبر الكتاب وتحديداً القراءة، فهي وحدها التي تسهم في صياغة وعي معلوماتي قادر على التحليل والنقاش والاشتباك مع المعلومة بشكل إيجابي ومثمر.
وإذا تركنا لغة الأرقام تتحدث في هذا المجال سنفاجأ بالعديد من الخيبات...
فإذا عرفنا بأن الطفل العربي لا يقرأ قراءة خارجية خارج المنهج المدرسي سوى لمدة (6 دقائق) ، كما جاء في إحصائية أخيرة لعام 2003 صدرت عن منظمة اليونسكو، وأن كل عشرين عربياً يقرؤون كتابا واحدا في السنة، بينما يقرأ كل ألماني سبعة كتب في العام!!
وتنتج الدول العربية مجتمعة (1.1) فقط من معدل الإنتاج العالمي للكتاب.
هذه الأرقام تشير بأن هناك فجوة هائلة تتسع بصورة طردية بين آفاق المعرفة وبين الطفل في العالم العربي ومن ضمنهم الطفل السعودي.
لذا لابد أن يكون هناك محاولات تدارك وإنقاذ للمشهد المعتم، الذي أرى أنه يتم عبر عملية تعبئة قومية يتم فيها تجييش جميع القطاعات في المجتمع لإعادة صياغة علاقة جديدة ومختلفة مع المعرفة والمعلومة، علاقة متوهجة بالتحدي والرغبة العارمة في تجاوز العقبات والصعاب.
ونحن لن نأتي بجديد إذا وعينا بأن الكلمة الأولى التي جاءت في دستورنا الإلهي هي كلمة اقرأ....
وقد جعلت منظمة (اليونسكو) من يوم (الرابع والعشرين) من أبريل يوما عالميا للقراءة، وتقديرا ووعيا من المملكة العربية السعودية بدورها المحلي والعالمي
قد اتخذت وزارة التربية والتعليم الكثير من الخطوات الإيجابية في هذا المجال التي من أبرز أهدافها هو تأصيل عادة (القراءة للجميع) لدى الطلاب منذ مراحلهم الباكرة، وتعويدهم على جعل القراءة متعة وفائدة وأفقا واسعا على الإنسانية والحضارة بشكل يتجاوز محدودية المنهج والكتاب المدرسي.
ومن ضمن فعاليات هذا المشروع هو مهرجان (خير جليس) الذي نأمل بأن يكون نواة صغيرة لشجرة كبيرة وارفة تطال بفروعها جميع مناطق المملكة.
ولن نخفي حقيقة إذا أشرنا إلى وضع المكتبات المدرسية في مدارس البنات الذي لا يبعث على التفاؤل لعدة أسباب:-
- لا يوجد حصة في اليوم الدراسي للقراءة الحرة.
- لا يعتمد الطالبات أو المعلمات على محتويات المكتبة كمرجعية علمية هامة.
- محدودية وشح الكتب في المكتبات المدرسية، وعدم قدرتها على تغطية جميع أنواع المعارف.
- أمينة المكتبة توظف في المدارس ولكنها نظراً للأسباب السابقة تلزم بأعمال إدارية وتنظيمية بعيدا عن مهمتها الأساسية.
ولذا لا بد أن يتم تفعيل توجهات وزارة التربية والتعليم في هذا المجال متمثلة في معالي الوزير ومعالي نائبه عبر العديد من القنوات التي قد يكون منها إقامة المهرجانات الطلابية الخاصة بهذا المجال.
ونأمل أن يحقق المهرجان أهدافه المرجوة....
( * ) مديرة وحدة الإعلام التربوي والعلاقات العامة النسائية |