* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
في سابقة لم يشهدها سوق الصرف المصري خلال أسابيع تراجع الدولار أمام الجنيه المصري بنحو 40 قرشا ليتوقف سعر الدولار عند 660 قرشا بعد أن كان قد وصل إلى سبعة جنيهات هذا التراجع يرجعه خبراء المال إلى الاستقرار الإداري المتمثل في تغيير محافظ البنك المركزي وتشكيل مجلس جديد للبنك وصدور اللائحة التنفيذية لقانون البنوك والقرار الجمهوري الخاص بلائحة النظام الأساسي للبنك المركزي وانخفاض قيمة الدولار في السوق العالمي. وتوقعوا استمرار انخفاض الدولار في ظل مؤشرات الاقتصاد الجيدة ليصل عند حد السعر الرسمي وهو 620 قرشا للدولار، وأوضحوا أن الدولار انخفض 40 قرشا في أقل من 50 يوما مما أعاد الاستقرار في القطاع المصرفي الذي يعمل على جذب المزيد من الاستثمارات وتخلص القطاع العائلي الذي يستحوذ على 12 مليار دولار من العملة الأمريكية متجها إلى العملة المصرية فماذا قال الخبراء عن الدولار وانخفاضه؟
يقول الدكتور حاتم القرنشاوي أستاذ الاقتصاد إن هناك مجموعة من السياسات أدت إلى تراجع الدولار في السوق المصرية شملت السياسة النقدية وصدور اللائحة التنفيذية لقانون البنوك والقرار الجمهوري الخاص بلائحة النظام الأساس للبنك المركزي والذي أعطى استقلالية أكبر للبنك المركزي بما يتيح إمكانية الاستقرار للسياسة النقدية بالإضافة إلى أنها ضمت العديد من البنود التي توفر شفافية وثقة أكبر في عمل البنك المركزي خاصة في القضايا المتعلقة بالسياسات النقدية لإيجاد فرص اكبر لتحقيق الاستقرار النقدي وسلامة النظام المصرفي ولعل القرار استهدف تدعيم استقلالية البنك المركزي في اتخاذ قراراته وتحديد اختصاصاته بما لا يتعارض مع أي جهة أخرى. وهذا مكن البنك المركزي من ضبط حركة العرض والطلب وتقييد حركة المضاربين في العملة الذين يجدون متنفسا من خلال تضارب التصريحات بين الجهات المختلفة. ويضيف أن سعر الصرف في أي دولة يرتبط بالأداء الاقتصادي والسياسي والثقافي والمجتمعي للدولة في إطار العلاقات المتبادلة بينها وبين العملات الأخرى. وقد شهدت الفترة الماضية تحسنا في أداء الاقتصاد المصري وهو ما انعكس على قيمة العملة فقد شهدت الصادرات ارتفاعا بنسبة 10% في حين انخفضت الواردات بنسبة 26%.
ويتوقع الدكتور حاتم القرنشاوي استمرار التحسن في قيمة الجنيه في ظل المؤشرات الجيدة للاقتصاد المصري موضحا أن سعر الصرف يمضي في طريقه الصحيح لقوى العرض والطلب مما يؤدي إلى زيادة التدفقات الاستثمارية من الخارج خاصة بعد إعلان رفع مصر من القائمة السوداء لغسل الأموال مما يفتح مجالا للعلاقات الجيدة بين المؤسسات المالية الدولية والمؤسسات المحلية وقد أعلن مؤخرا أن مصر ستنضم إلى الاتحاد الدولي في مكافحة غسل الأموال لتصبح العضو رقم 65 بالاتحاد وذلك دون المساس بسرية الحسابات التي يكفلها القانون.
سر الأزمة
تضيف الدكتورة هدى صقر أستاذ الاقتصاد أن هناك حزمة من الإجراءات أدت إلى ارتفاع قيمة الجنيه المصري منها الاستقرار الإداري داخل البنك المركزي واستقلالية فقد استطاع مجلس الإدارة الجديد إعادة الهدوء إلى سوق الصرف الذي كان محل جدل واسع منذ قرار تحرير الصرف في يناير 2001 والمسكنات التي اتخذت بعد ذلك مثل ضخ الملايين من الدولارات من الاحتياطي للسوق الموازى للقضاء على المتلاعبين وكان يحدث أن يهدأ السوق فترة قصير ثم يعود للاشتعال أكثر حتى وصل إلى 7.30 قروش للدولار الواحد وجاء الاستقرار الإداري ليضع يده على سر الأزمة في العملة الصعبة ويتخذ الخطوات والإجراءات التي تعمل على ضبط إيقاع السوق دون ضجيج إعلامي أو ما شابه ذلك وهذا أدى إلى انخفاض الدولار بنحو 40 قرشا واختفت الشكوى التي لم يكف رجال الأعمال والمستوردون عن ذكرها مثل فتح اعتمادات مستندية دولارية لاستيراد السلع الاستراتيجية السلع الاستراتيجية ومكونات الاستثمار.
وتشير إلى أن قيمة الجنيه ارتفع أيضا نتيجة لاستخدام السياسات النقدية التوسعية القائمة على عمليات ضخ الأموال والحقن النقدي الرشيد في قطاعات معينه ورسم سياسات توقعية بما يمكن أن يحدث ومعالجة الأزمة قبل وقوعها.
الريال السعودي
يوضح مصطفى زكي رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية أن المحافظ الجديد ومجلس إدارته ينفذون سياستهم المصرفية في سرية مما خلق رؤية وسياسة لسوق الصرف تسير على خط واضح وثابت وتديرها عقول واعية ومتابعة لكل المجريات مما يحقق الاستقرار في سوق النقد ويقضي على المضاربين الذين كانوا يتوقعون استمرار هذه المهزلة ليحققوا الأرباح من هذه المضاربات على عملة دولة وقد ظل الدولار منذ شهر رمضان الماضي يتأرجح بين 7 جنيهات و690 قرشا للدولار وجاء موسم الحج وعلى عكس المتوقع لم يحدث ارتفاع في سوق العملات خاصة الريال السعودي بعد القرار الحكيم بإلزام البنوك بتقديم 2000 ريال لكل حاج حتى شهد الدولار انخفاضا أكثر نتيجة للخوف الذي يسيطر على المضاربين وغير المضاربين الذين يكتنزون الدولار فسوف يؤدي هذا الانخفاض إلى قيامهم ببيع ما لديهم من دولارات حتى لا يتعرضوا لخسائر أكبر.
وعن الأسباب التي أدت إلى انخفاض الدولار يقول مصطفى زكي إن هناك أسبابا خارجية وأخرى داخلية الخارجية تتمثل في الانخفاض الحاد الذي يشهده الدولار أمام العملات الدولية حيث انخفض أمام الجنيه الإسترليني بنحو 18% وأمام اليورو بنحو 15% والين الياباني بنفس النسبة تقريبا إلى جانب زيادة العائدات من قناة السويس والاستثمارات المباشرة وتحقيق طفرة في قطاع السياحة. أما الأسباب الداخلية فتتمثل في فتح الاعتمادات للمستوردين في مدة لا تزيد على أربعة أيام وكما يريدون بالنسبة لاستيراد السلع الاستراتيجية كالقمح وزيت الطعام والعدس والأرز والفول كما لم ترفض البنوك فتح اعتمادات للسلع الوسطية والرأسمالية والاستثمارية وهو ما يطلق عليه المكون الأجنبي الذي تعتمد عليه العملية الإنتاجية.
يشير مصطفى زكي إلى ان سوق الصرف المصري يشهد حالة صحية سوف تؤدي إلى تخلص القطاع العائلي الذي يستحوذ على 12 مليار دولار من هذه العملات خوفا إلى مزيد من الانخفاض كما أن رفع سعر الفائدة على الجنيه المصري سوف يقضي على ظاهرة الدولرة ويجعل القطاع العائلي يقبل على العملة المصرية بدلا من الدولار.
الإصلاح النقدي
يؤكد إبراهيم المزلاوي صاحب شركة صرافة أن سوق الصرف يمضي في مصادرة الصحيح خاصة انه لأول مرة يشهد انخفاضا في قيمة الدولار أمام الجنيه المصري وذلك نتيجة لخطة وضعتها الحكومة تهدف إلى الإصلاح النقدي حيث شهد الجنيه تدهور في قيمته منذ قرار تعويمه في 29 يناير 2003 لينخفض من 464.5 قرشا إلى 725 قرشا للدولار في يوليو الماضي سبعة جنيهات لمدة ثلاثة أشهر كاملة بعدها بدأ الانخفاض ليصل إلى 660 قرشا في السوق الموازي و620 قرشا في السوق الرسمي أي أن هناك 40 قرشا فقط.
يرى محمد عبد السلام خبير في أسواق المال وصاحب شركة مقاصة وتسوية وحفظ حركة أن الانخفاض في قيمة الدولار أمام الجنيه المصري لن يؤثر على البورصة المصرية التي شهدت انتعاشا خلال الأشهر الماضية خاصة أن البورصة تعتمد بشكل كبير على المستثمر المحلي وإذا كان المستثمر العربي أوالأجنبي قام بالشراء في بعض الشركات بسبب انخفاض العملة فانه لن يفكر في بيع هذه الأسهم في ظل إعادة انتعاش الاقتصاد المصري بل انه سيحاول صنع استثمارات أخرى محاولا الاستفادة من هذا الانتعاش وما شهده سوق الصرف من تحسن في أوضاعه إلى جانب القوانين التي تعطي دفعه أكبر للاستقرار وجذب مزيد من الاستثمار.
|