وترجل عنوان الجهاد والمقاومة...
ترجل عنوان كرامة هذه الأمة...
ترجل عنوان كرامة العرب والمسلمين...
لقد ترجل شيخ الجهاد الفلسطيني المجاهد القائد الشيخ أحمد ياسين.. وهو الذي ما ترجل قط ولا استراح ولا استكان طوال حياته.
لقد ارتبط اسمه دوماً بفلسطين... القضية والشعب والمقدسات والأرض، وأعطى القضية الفلسطينية شبابه وعمره وحياته.
كانت حياته من أجل فلسطين.. ومن أجل القدس.. ومن أجل الأقصى.
شهيدنا الشيخ الجليل:
ليس من السهل أن يكتب المرء عن المجاهد المبارك الشيخ أحمد ياسين، فالرجل ليس شهيداً وحسب، إنه أبرز رموز الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية.. الذي لم يفرط في شبر واحد من فلسطين.
فقد كان مثالاً للإنسان المؤمن بربه ورسالته وقضيته.
فكل كتابة عنه ستكون ناقصة، لأن قضيته لم تكتمل بعد.
أن يستشهد القائد العظيم الشيخ أحمد ياسين فهذا أمر طبيعي.
فعندما اختار الشيخ ياسين طريق الجهاد فإنما قد اختار الشهادة.
وباختياره الشهادة.. اختار الحياة لأبناء شعبه وأمته.
لقد استشهد الشيخ ياسين في كل لحظة من لحظات حياته الطويلة جهاداً ونضالاً، فسيرة جهاده ونضاله من أجل وطنه وشعبه وقضيته العادلة، كان الاستشهاد نهايتها الطبيعية، وسيرة جهاده هي في الواقع حياته العملية كلها.
لقد طلب الشيخ ياسين الاستشهاد لنفسه، وعمل له، وسعى إليه، لأنه آمن به وهو الذي كان يردد دائماً (الموت في سبيل الله أسمى أمانينا).
آمن بأن العمل الفلسطيني لا حدود له، وأن فجر النصر آتٍ لا محالة رغم الظلام الحالك الذي يلف الأمة، وأن الدم والمشاركة في الجهاد ضد المحتل لا تكون من بعيد، وأن هناك طريقاً آخر غير طريق الخنوع والاستسلام، أو القبول بالفتات أو انتظار ما يسمح به العدو الإسرائيلي بالتنازل عنه ألا وهو طريق الجهاد والاستشهاد.
لقد آمن الشيخ ياسين وأن مقاومة المحتل لا تتحمل المواقف الوسط، ولا المهادنة، ولا التأجيل، ولا الاستراحة، وأن الطريق إلى فلسطين يمر من فوهة البندقية.
وباستشهاده ينهي الشيخ ياسين سنوات حافلة من الجهاد والنضال والاعتقال.
من الصعب أن أرثي الشهيد الشيخ أحمد ياسين بالكلمة، ومن الصعب أن أرثيه بالدمع الساخن لأن مآقينا جفت منذ عشرات السنين.
جفت مآقينا منذ أن وطأت أول قدم صهيونية أرض وطننا الحبيب.
جفت مآقينا منذ أن سقط أول شهيد فلسطيني برصاص العدو الصهيوني.
فلن نرثي بعد اليوم شهداءنا، بل سنثأر لهم من قتلهتم، من عدونا الأبدي والأزلي، سارق أرضنا وأحلام طفولتنا.
ستبقى كل كتابة عن الشيخ ياسين ناقصة، لأن قضيته هي قضية الشعب الفلسطيني كله، هي قضية الجيل الذي يصنع المسيرة، وهي قضية لم تكتمل بعد.
خسارتنا كبيرة..
لكن عزاءنا أن الشهيد نال طلبه من الله عز وجل أن يكتبه شهيداً..
وقد نال هذه الشهادة.
وسيشكل دم الشيخ ياسين الطاهر وقوداً جديداً للمقاومة لا ينضب ولا ينتهي، ورافعة للشعب الفلسطيني المجاهد وكفاحه الطويل.
وسيكون هذا الدم نوراً وناراً:
نوراً ينير الدرب إلى فلسطين.. وناراً ولعنة على الصهاينة المحتلين..
وسيشكل استشهاد الشيخ ياسين عنواناً لمرحلة جديدة في مقاومة العدو الصهيوني، فقد أثبت التاريخ أن المقاومة تستمد من دماء الشهداء روحاً جديدة.
أيها الشيخ الجليل:
وأنت اليوم في السماء تتهادى إلى سمعك صيحات الحق تدوي في كل فلسطين.. من المجاهدين أطفالاً ونساءً وشيوخاً تعلن من جديد عن الجهاد والنضال.. ذلك الذي غرزته في أعماقهم، وأشربته أبناءهم فروته دماؤهم.
أيها الرجل الرجل... يا ضمير الأمة ونسيجها الطاهر.
أيها القائد والأب والأخ والرمز والإنسان.
اليوم عرسك في جنة الرحمن.
في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
كم كنت عظيماً في حياتك.. وكم كنت في مماتك.
كم كنت بالأمس تقود المجاهدين الأحياء من الرجال.. واليوم تقود الأبرار من الشهداء.. وحسن أولئك رفيقاً.
أحزاننا عليك كبيرة... وكل المآقي عليك مفتوحة... وكل القلوب عليك منفطرة.
اليوم يستقبلك الشهداء ممن سبقوك
فالشهادة حق لا يناله إلا الأبرار، وأن العهد سيظل دائماً عهد الصادقين على دربك.. درب المجاهدين من أجل فلسطين.
فنم قرير العين.. فقد أديت واجبك نحو ربك ودينك وقضيتك.{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }
(*) مدير تحرير جريدة الحقائق - لندن |