Tuesday 23rd March,200411499العددالثلاثاء 2 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

صحة وسعادة صحة وسعادة
متى يجب أن نبدأ بالاهتمام بتغذية الطفل؟
د. عبدالعزيز العثمان *

سأضع بين أيديكم عدة إجابات فيما يسمى بالاختيار المتعدد لدى المعلمين:
بعد ولادته بستة أشهر؟
بأربعة أشهر؟
بعد الولادة مباشرة؟
يمكن الاهتمام به وهو في بطن أمه؟
ماالإجابة الصحيحة من وجهة نظركم؟؟
الحقيقة أن كل ماذكر بعاليه ليس صحيحاً، فيجب أن نبدأ بالاهتمام بتغذيته قبل الحمل بعدة أشهر.. نعم قبل الحمل. لماذا؟ الا ترون أن الأرض تحتاج لعناية خاصة قبل زراعتها، فيقوم المزارع بحرثها وتنظيفها من بقايا النباتات الضارة، ثم وضع الأسمدة المناسبة، ثم تشكيلها وتوزيعها حسب نوع المزروعات، وبعد ذلك وضع البذور أو غرس الشتلات ثم ريها؟!.
ماذا لو قدم المزارع خطوة على أخرى، مثلا زرع الشتلات وبذر البذور ثم قام بحرث الأرض بعد ذلك، هل يصلح هذا؟ بالتأكيد لا. وهذا حال الرحم.. والانسان أكرم وأدعى للمزيد من العناية، فالغرس الذي سيكبر في ذلك الرحم ابنك الحبيب، وسيلبث الجنين فترة طويلة حوالي 40 أسبوعا، الا يستحق بالفعل أن نهيئ له المكان المناسب، ولأمه الغالية أهم وسائل الحماية والرعاية؟!.
بلى والله. . ان نمو الجنين في بطن أمه يشبه زراعة النباتات ولهذا وصف الله إحدى مراحل النمو تلك بقوله (ما تغيض الأرحام وماتزداد) فمرحلة الغيض تلك تعني مرحلة انغراس البييضة الملقحة في المشيمة التي أعدها الخالق سبحانه بطريقة معجزة. فهي وسادة وثيرة فيها أنقى العناصر الغذائية وأكملها، تحوي البروتينات والفيتامينات والمعادن بنسب محددة تصلح لنمو تلك المضغة نموا سريعا لا يعادله في سرعة النمو شيء، تلك الوسادة تعد كل شهر لاستقبال ذلك الضيف الكريم، فإن حضر غرس فيها وإن لم يحضر تخلص الجسم منها فهي سريعة الفساد فيطردها الجسم لتكون الدورة الشهرية ويصنع غيرها بعد عدة أيام. فسبحان الخالق العظيم الذي لم يجعل ترتيب ذلك الأمر لنا بل توكل به وأحسن صنعه. لهذا أنصح الأمهات بالتخطيط الدقيق للحمل، وتهيئة الجسم لاستقباله والحفاوة به وذلك بالتغذية السليمة والرعاية الصحية المتميزة والبعد عن مسببات المخاطر من أدوية وملوثات وسموم قبل الحمل بفترة كافية.
في مقال اليوم نستعرض فترة مهمة تلي هذه المرحلة ولا تتعلق بصحة الطفل فقط بل تمتد لتكون جذوراً لحياة مستقبلية سعيدة بإذن الله، وذلك الاهتمام سيكفل بمشيئة الله صحة عضوية وعقلية في آن واحد، فيظهر أثر تلك الممارسات التغذوية على تربية الطفل بشكل واضح، وتشارك في تكوين شخصيته واتزانها، لأنه يتعلم كل مهارة في عمر محدد، إذا تعدى ذلك العمر دون أن يتعلمها صعب عليه تعلمها أو التعود عليها فيما بعد، فنحن نعرف أنه كلما كبر الإنسان سهل عليه التعلم، نعم ولكن ذلك على إطلاقه، فكما يقولون التعلم في الصغر كالنقش في الحجر ونعلم أيضاً أن الطفل يستطيع أن يحفظ بطريقة أكثر بكثير من البالغ، ومن ناحية الطعام إذا لم يتعلم مهارة تغذية نفسه والاعتماد عليها في عمر معين فإن تعلمها اذا كبر سيكون صعبا لأنه سيخاف من الإخفاق وسيتعود على الاتكالية في إطعام نفسه ثم في العناية بها ثم في ملابسه ثم في المذاكرة وبالتالي في حياته كلها، وهذا ليس من قبيل المبالغة مع أنه ليس عاماً لكل الأطفال.من قلبي أدعوكم لوضع الأمور في مواضعها وتعويده على الطعام الصحي منذ البداية لأن ذلك سيفيده صحياً واجتماعياً كذلك.. حفظ الله لكم أبناءكم ووقاهم من كل سوء.

(*) استشاري التغذية الاكلينيكية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved