ولدت جريدة (المسائية) في محرم 1402ه وتسلمت دفتها في محرم 1410ه، وتوقفت في محرم 1422ه، وها هو الأستاذ عبدالله بخيت يتحدث عنها عرضا في زاويته في محرم 1425ه لعشر مضين منه في العدد 11477 وعجبت لهذه المصادفة التأريخية.
فهمت من مقالة الاستاذ البخيت حاجة (الرياض) المدينة إلى إذاعة ومطبوعة لنسميها مجازاً اقليمية بحيث تتناول اهتمامات سكانها من كافة النواحي، وبخاصة أن (الرياض) بتركيبتها وظروفها ومساحتها وعدد سكانها..بحاجة إلى تلك الوسيلة الاعلامية الخدماتية التي تلامس شئون العاصمة عن كثب، وتعيش التفاصيل الدقيقة.
هكذا فهمت، وهكذا كنا نريد (المسائية) أن تضيء الشموع في ليل العاصمة الحبيبة. واذكر حين توليت قيادة المسائية قبل 15 عاماً -ما أسرع الأيام!!- وجدتها تكاد تكون نسخة مصغرة عن الصحف الصباحية، بالذات في مجال الأخبار.
وخلال العام الأول كان الحرص منا على ان نستثمر الطبعة الثانية الخاصة بالرياض، بحيث تحمل الصفحتان الأولى والأخيرة الخبر الجديد، وأحيانا كنا نؤخر الطباعة إلى حوالي الساعة الثالثة ظهراً طمعاً في أن ننفرد بخبر مميز محاولين قدر الإمكان تغيير الصورة عند بعضهم ممن يرى بأنها (الجزيرة المسائية) الملحق.
وجاءت الخطوة الثانية، فعند حضوري لمبنى الجريدة بعد صلاة الفجر، أقلب (الجزيرة) واستبعد نشر اي خبر مكرر، في محاولة لاستيعاب أكبر (كمية) خبرية جديدة تصلنا، هذا إلى جانب الصفحات المنوعة والموضوعات الخفيفة والأخبار الطريفة.
ولكن كان يزعجنا ان مدن المملكة الأخرى لا توزع فيها المسائية الا في اليوم التالي مع الجزيرة، هل كان هذا اجتهادا من شركة التوزيع؟ أم توفيراً للنفقات؟ أم... الأسئلة كانت كثيرة والبحث مع الادارة في ايجاد الحل اعيانا.
وجاء التأكيد على محاولة كسر حاجز (الرسمية) في صفحات الجريدة الأولى، وتطعيمها بالأخبار المختلفة، بين رياضة، فن، علوم.. وغيره. ثم قمنا بتغيير هوية الصفحة الأولى في عدد الخميس، ثم الاثنين، ثم الثلاثاء، وصارت (المسائية) إلى حد ما جريدة خفيفة، وادخلنا الألوان وزدنا عدد الصفحات في هذه الايام الثلاثة في حين كانت 8 صفحات فقط على مدار الاسبوع.
في يوم الاثنين نبرز في الاولى خبراً رياضيا بجوار الترويسة إلى جانب الاخبار الفنية والرياضية والاجتماعية وفي يوم الثلاثاء نضع بجوار الترويسة قصيدة بالفصحى (قوافي الثلاثاء) يختارها الإعلامي الاديب عبدالله الحيدري أو انتقيها من جميل الشعر وفي الخميس نبرز قصيدة نبطية أو نصا عاميا بعنوان (قصيدة الخميس).. فكان الشعراء العاميون يتبارون، حرصا على أن تكون قصائدهم في هذه المساحة البارزة المميزة، واقولها بصراحة، كنا مجموعة تحريرية (نضالية) برغم قلة الدعم المادي وضعف الامكانات وضآلة المكافآت والرواتب، كان جواً أسرياً متآلفاً، خلاقاً، ضم أسماء مبدعة أمثال أحمد بادويلان -شفاه الله- عبدالله الحيدري، عبدالرحمن السلوم، عبدالرحمن الجماز، عيد الغامدي، عبدالكريم الزامل، متعب العنزي، خالد السياري-رحمه الله- رجاء العتيبي، علي الزهراني.. وغيرهم. كل يعطي في مجاله بكل تفان.
الحقيقة ان ظروف المسائية كانت مختلفة، كنا نريد أن تكون هي مطبوعة الرياض، وبخاصة أن العاصمة بدأت تتحول إلى (نهارية الليل)، بل كنا نخطط أن نغير حتى نقاط توزيع الجريدة، في المطاعم، في المتنزهات، محطات البنزين، اشارات المرور، الفنادق، بل حين جاء قرار رفع اسعار الصحف من ريال إلى ريالين حاولت ابقاء سعر (المسائية) على ماهو عليه، مراعاة لظروفها وعدد صفحاتها، لكن الادارة لم تساندني.
طرحنا المسابقات اليومية التي نستقبل اجاباتها على الهاتف، أوجدنا صفحات التسلية، ركزنا على الجانب الخدماتي كثيراً لنكون اكثر التصاقا ب(أهل الرياض).
هل نجحنا؟ هل قدمنا شيئا لازال في البال؟ هل كانت محاولاتنا في محلها؟ كيف كانت التجربة؟
عندنا قناعة بأننا قدمنا ما كان بالامكان أن نقدمه في تلك الظروف.. وسموها إن شئتم ظروفا خاصة. بل كانت تلك التجربة (نواة) لدوريات صحفية برزت فيما بعد.
بقي أن أشير إلى أن (المسائية) كان يمكن -وهي الوحيدة في منطقة الخليج والجزيرة العربية- أن تلبس رداء التميز لو حظيت بشيء من الدلال.سامح الله حبيبنا عبدالله بخيت، فقد حرك الشجون فينا، فكانت هذه السطور.. والله المستعان.
سعيد الصويغ/المشرف السابق على تحريرجريدة المسائية |