ليس من قيادة فلسطينية ترضي إسرائيل، بل إن إسرائيل لا تحتمل رؤية فلسطيني يتحرك، والأفضل لديها هو الفلسطيني الميت، فالذي يتحرك مسكون ومملوء بمطالب الحق السليب وهو أمر يقلق إسرائيل. هذا الشيخ المجاهد المقعد الذي كان يتحدث همساً وبصوت منخفض كان مجرد همسه كافياً لكي يهز أركان الكيان الصهيوني ويرسل موجات من القلق الذي لا يهدأ في أوصال إسرائيل.. واليوم تطالب الدول الكبرى الفلسطينيين بالتهدئة، وليس من عبارات إدانة واضحة لهذه الجريمة، وغداً عندما ينتقم الفلسطينيون تنهال الإدانات من كل صوب وتتردد كلمة (إرهابي) لتحول كامل الرد الفلسطيني إلى مجرد عمل إرهابي!. لقد أعطى شارون بفعلته الآثمة في غزة أمس الإشارة لحرب مفتوحة، فهو لا يعترف بالشيخ أحمد ياسين ولا بعرفات ولا بأي قيادي فلسطيني، ويدرك الفلسطينيون المدى البعيد لهذه الجريمة وقد تعاهدوا على خوض غمار هذه الحرب التي يريدها شارون. يستطيع العالم أن يتفادى كارثة حقيقية، وعليه أن يتحرك بالسرعة اللازمة لأن إسرائيل قررت حرب الإبادة، ولن يسكت الفلسطينيون، وما حدث أمس نقطة تحول في مجمل الصراع وعلامة فارقة في القضية الفلسطينية، والأفق مشحون بما هو أفدح وأمر. هذا الغليان الفلسطيني تزيده موجة التصريحات الاستفزازية الإسرائيلية عقب جريمة غزة، فالإسرائيليون يتحدثون عن قيادات فلسطينية إرهابية وسط موجة الحزن والغضب في غزة والضفة دون مراعاة لمشاعر هؤلاء المصدومين بفداحة الفقدان. ولم يكن الفلسطينيون بحاجة إلى كل هذه الفظائع كي يتحركوا، فهم في حراك دائم وجهاد لا يفتر، لكن الاستفزاز بهذه الصورة المريعة سيفجر كامل الأوضاع وسترى إسرائيل يومها كيف أنها أخطأت وأساءت التقدير.