إن صحفنا المحلية دائماً ما تتفوق، وتتميز في تفاعلها مع كل ما يطرح في وسائل الإعلام، لا يمر يوم إلا وتجد عشرات التعقيبات على ما طرح من قبل إدارات العلاقات العامة في الأجهزة والمؤسسات الحكومية وحتى القطاع الأهلي، لن أكون مبالغاً إذا قلت إن الإدارات الحكومية في المملكة أكثر الإدارات الحكومية في الوطن العربي تطوراً وبعداً عن البيروقراطية، فالخطوات سريعة والإجراءات سهلة وميسرة والمعاملات منظمة يؤخذ فيها حساب الوقت وأهميته وتأثيره.
إن سرعة اتخاذ القرار والتفاعل معه سمة من سمات الإدارة الناجحة وهذا ما يتم من خلال استفادة الإدارات الحكومية أيضاً من كل رأي واقتراح يطرح في وسائل الإعلام بتطوير الخدمة المقدمة أما ما يتعلق بجانب آخر في تفاعل الإدارات الحكومية مع ما ينشر في صحفنا اليومية، ففي الصحف المحلية نجد أكثر من صفحة تعنى بذلك وما يطرح بها من مقترحات وآراء اليوم قد تجد الرد عليه بعد يوم أو يومين أو يزيد!!
لا نجد حساسية مفرطة من المسؤولين في الإدارات الحكومية لدينا في تقبل النقد كما في دول أخرى، فالمسؤول في أي جهاز حكومي في المملكة أصبحت لديه قناعة تامة في أن ما يطرح من آراء أحياناً وانتقادات أحياناً أخرى إنما يأتي من منطلق المصلحة العامة فيتفاعل إيجابياً مع هذا الرأي أو ذلك الاقتراح بشكل موضوعي وسريع إما من خلال التعديل أو الإيضاح. إن مساحة الحرية في ما يطرح من آراء انطلقت من آراء صادقة بعيداً عن الأهواء أو التجريح أو المصالح الخاصة! ففي وقت قريب تناولت الصحف المحلية ضرورة السعودة وطرحت العديد من الأفكار في سبيل الوصول لسعودة بعض التخصصات والمهن مثل العمل في أسواق الخضار مثلاً وضرورة سعودة تلك المهن فتفاعلت وزارة الشؤون البلدية والقروية سريعاً وما هي إلا أسابيع حتى أصبح الزائر إلى اي من أسواق الخضار في المملكة يرى أن كافة العاملين فيها من المواطنين السعوديين، رغم أن هناك موضوعات تطرح في دول أخرى ولا تجد مثل هذا التفاعل! وبالأمس القريب تناولت الصحف المحلية أهمية سعودة مهن أخرى ومجالات أخرى وما هي إلا أيام وقرأنا بعض التصريحات من قبل المسؤولين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من أن مكاتب العمل قصرت التعيين في بعض الوظائف في القطاع الأهلي على السعوديين فقط!
لقد تناولت وسائل الإعلام وبخاصة المقروءة منها العديد من الاقتراحات وما هي إلا أسابيع أو أشهر إلا ونرى الأفكار والمقترحات البناءة تنفذ على أرضية الواقع.
إن التفاعل الذي تعودناه من العديد من الإدارات الحكومية يجعل المواطن يطمح إلى تطوير مستوى الأداء في بعض الإدارات الحكومية التي لها التصاق كبير ومباشر بالجمهور ومشاركتها وتفاعلها مع الهموم اليومية للمواطن، فبعض تلك الإدارات مازالت تتعامل مع الأوراق أكثر من تعاملها مع الظروف اليومية فيصبح عملها عبارة عن عمل مكتبي بحت بعيداً عن الميدان وهناك من يتصل على بعض الإدارات مرات ومرات ليبلغها عن خلل يحتاج إلى معالجة ولا يجيبه أحد على اتصالاته والسبب أن عمل هذه الإدارة ينحصر في الفترة الصباحية فقط!! تصوروا إدارة لها علاقة مباشرة بالمواطنين لا تعمل إلا في الفترة الصباحية فقط؟
لماذا لا يكون هناك خط هاتفي على مدار الساعة لبعض الإدارات الحكومية ذات العلاقة بالجمهور لتلقي ملاحظات المواطنين ويكون رقماً سهل الحفظ تصله من دون تحويلة؟! فلا يمكن أن ينتظر المواطن الذي يلاحظ بعض جوانب القصور حتى تفتح الإدارة أبوابها ويبدأ الدوام الرسمي. إن مجال عمل بعض الإدارات ومدى ارتباطها بالجمهور يستدعي تغيير اسلوب الأداء والخدمة ليتناسب مع أهمية الإدارة وارتباطها بالناس ولا يجب أن يتوقف عملها على حالات تصل عن طريق البريد أو حتى من خلال الزيارة الشخصية لموقع الإدارة، لتقوم بعدها باتخاذ الإجراء اللازم عن تلك الواقعة أو المنتج، بل لابد أن يفعَّل عمل تلك الإدارات لتكون أكثر تفاعلاً مع المواطن وأكثر سرعة في معالجة الحالات.
|