كنت أطالع في (الجزيرة) مقال الجاسر،جاسر وهو يعنونه بتهكُّم حسرةٍ (حتى دماء الأطفال لا تحرَّك الضمائر...)...
وأيَّ ضمائر يا جاسر؟
حتى...
انبثق الفجر عن دويِّ،وانتُهك صدرَ (ياسين) ورأسه؟
هذا الصدر الذي اعتمر بقضية نبضه،وتجاسر بقوة إيمانه،وحيا بإحساس معتَقده...! الله ثم الأرض...
وكانت قضية الأرض،قضية العرض،في مفهوم ثقافة أمَّة،أرضها هي الكفاح...،وقضيتها هي الدِّين...
والدِّين - الوطن
والوطن - المعتَقد
والمعتَقد - الروح
والمسلم يرنو للشهادة فإمَّا الحياة،وإمَّا الممات...
وأيُّ فجرٍ أشرقَ من فجرك يا ياسين؟
والصَّحابة من الخلفاء،رضي الله تعالى عنهم،والتَّابعون من السَّابقين منهم،ما كان يلوح في خواطرهم سوى الرَّغبة في الشَّهادة،والشَّهادة في عزٍّ،والعزُّ في الصُّمود...
فالحديث في الأسباب،وفيمن وراء الأسباب،لم يعد سوى تنظير،وفضفضة،إن لم تحتدم الرُّوح بالرُّوح،وإن لم تحتكَّ الغضبةُ بالفعل...،فلا هوانَ والمشهد الانتهاك،ولا عزَّ والمشهدُ الموت،ولا صمتَ والمشهدُ الذلُّ...
وما جاء محمد بن عبد الله صلَّى الله عليه وسلَّم بدعوة الإسلام في الظلام،ولا رضي للمسلم الهوان،ولا قبل منه الذُّل،ولا أباح له الانتهاك...
أيُّ فجرٍ أشرقَ من فجر الشهادة في النُّور؟!
والشَّهيد أحمد ياسين...؟!
وأيُّ فجرٍ أحلكَ من فجرِ الفضيحة في السَّحر؟!
والمفضوح إسرائيل...؟!
فحيثُ يستشهدُ ياسين المؤمن،القعيد،المغتالُ،الصَّبور،الصَّامد،المتمسِّك بحقِّه،وقضيته...
حيث تتمادى العدوانية،والسُّقوط،والفشل،والعراء في خبايا وخفايا وباطل،وعدوان،واستلاب،وظلم،وتجبُّر،وتسلُّط عالمي... لا يرتدع...
فأيُّ فجرٍ أشرقَ من فجركِ يا ياسين؟! وملائكةُ السَّماء تستقبلكَ طاهراً نقيَّاً،حيَّاً لا تموت،وعد الله الذي لا يُخلفه...
وأيُّ حلكةٍ تؤطِّر ساسةَ العالم الذين في الخفاء يحيكون،وفي النُّور يتمرَّدون. وللحقَِّ يقلبون،وبالباطل يجوبون؟!
اللَّهم...
فإنَّ في لحظة الاحتدام بين نور وظلام
وحق وباطل
وحياة وموت
أنت وليُّ الأمر والقادر عليه
امنح الإسلام قوةً،والمسلمين منعةً وعزيمةً،وكن محارباً معهم قادراً على عدوِّهم،مناصراً قضيَّتهم،معلياً شأنهم،مذلاً قاتلهم،داحراً ظالمهم،واحقن دماءهم،واجمع شملهم،ووحِّد كلمتهم,
و... اجعل شهداءهم في فردوسك الأعلى
فاللَّهم بنورك الحق
اجعله في نورك
وامنحه فردوسك الأعلى...
اللَّهم آمين.
|