Tuesday 23rd March,200411499العددالثلاثاء 2 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأزمنة الأزمنة
ماذا لو تشجَّع بوش.. وقال السبب..؟!
عبدالله بن إدريس

ليس الـ(300) مليون عربي ولا الـ(1000) مليون مسلم هم وحدهم الذين شهدوا على مغالطات الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه الذي ألقاه يوم الجمعة في البيت الأبيض بمناسبة مرور عام على شن الحرب العدوانية على العراق، واحتلاله، وتدمير مقوماته الأساسية، وإسالة دماء رجاله ونسائه وأطفاله في كل مكان منه دون أي وازع من ضمير.. بل العالم كله يشهد أن هذه الحرب التي تولت كِبْرَها أمريكا وحلفاؤها ليست إلا حرباً عدوانية طاغية، باغية، لا مبرر لها على الإطلاق.. حتى وإن جاءت لها - عرضاً - حسنة (يتيمة) واحدة.. هي القضاء على نظام طاغية أرعن هو صدام حسين.
وكان بإمكان أمريكا أن تقضي على ذلك الطاغية بوسيلة أخرى غير ما حدث ولا يزال يحدث من مآسٍ تدمي لها القلوب والضمائر الإنسانية الحيَّة.
العالم أدرك حقيقة الذريعة الأمريكية الكاذبة قبل شن الحرب.. وهي الادعاء بأن العراق يملك أسلحة دمار شامل.. وها هي أمريكا وحلفاؤها {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} - تعلن في خجل وانكسار أمام العالم أنها لم تجد ما ادَّعته من أسلحة الدمار الشامل في العراق على الرغم من أنها قد نقبت حتى (بيوت الذر) لعلها تجد ما يحفظ ماء وجهها.. إن كان فيه ماء!!
لقد امتلأ خطاب الرئيس الأمريكي الذي ألقاه بعد عام كامل من الحرب بكثير من المغالطات.. وقلب الحقائق رأساً على عقب..!!
* لقد ادَّعى بوش أن حربه هذه هي حرب على الإرهاب العالمي.. مع أن العراق لا علاقة له بالمنظمات التي تُوصف بالإرهاب.. وخاصة ما يُسمى ب(القاعدة) وهي التي تختلف أيدلوجيتها كل الاختلاف عن أيدلوجية صدام حسين.
* وزعم أنه قضى على (ثلثي) رجال القاعدة.. دون أن يورد إحصائية لعدد رجال القاعدة حتى نعلم صدق هذا الادعاء من كذبه..!
* وزعم بوش أن العراق الآن يعيش الحرية والديمقراطية.. وهو زعم يكذبه الواقع الذي يدركه بسطاء الناس فضلاً عن المعنيين والمتابعين لما يحدث في بلاد الرافدين!!
* وزعم أن (المقاومة) العراقية التي تتصاعد يوماً بعد يوم بأنها ليست مقاومة.. بل مجرد مجرمين و(قطَّاع طرق)..
ووصفه للمقاومين العراقيين بهذا الوصف غير اللائق يدل دلالة واضحة على تأثره وانزعاجه لما يحدث.. وبخاصة أنه كدَّرَ عليه سروره وانتشاءه بسرعة سقوط بغداد.. وظن أن ذلك هو الضربة القاضية التي سيخمد بها أنفاس العراقيين إلى الأبد.. ولم يَدْر في خلد المعتدين أن كل فعل له رد فعل ولو بعد حين..
جميع هذه المغالطات والتهجمات الرخيصة التي حشا بها خطابه ليست إلا للاستهلاك المحلي الأمريكي.. ولكسب أصوات حزبه الجمهوري في الدرجة الأولى وتمهيداً لمعركة الانتخابات الفاصلة بعد سبعة أشهر.. ولإثارة الشعب الأمريكي والادعاء بأن كل ما فعله بعد أحداث 11 سبتمبر في أفغانستان وفي العراق هو من أجل الدفاع عن الشعب الأمريكي ولذلك صحب الخطاب لقطات لتفجيرات نيويورك كسباً للتعاطف معه.
أما بعد:
فإن (قضية) أمريكا الحقيقية مع العالم العربي والإسلامي.. والتي نبتت وأنتجت ثماراً كأنها رؤوس الشياطين..! على مدى أكثر من نصف قرن.. فهي إقامة الدولة اليهودية في فلسطين العربية.. ومن ثم الوقوف الظالم والانحياز الأهوج.. إلى جانب عدوانها المتواصل الحلقات لطرد الشعب الفلسطيني من أرضه.. وقتله وتدمير بناه التحتية..
ورغم القرارات التي أصدرها مجلس الأمن.. وتجاوزت (80) قراراً.. فإن إسرائيل لم تنفذ منها ولا قراراً واحداً..! والفضل في ذلك لأمريكا التي تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد ما يدين إسرائيل أو يطالبها بتطبيق تلك القرارات..!!
وحل قضية أمريكا مع العالم العربي والإسلامي وهو الذي، ولا شيء غيره، سيحل السلام في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع أن يقف أي رئيس أمريكي يستشعر القوة وشجاعة الرأي إلى جانب الحق والعدل.. فيلزم إسرائيل بالانسحاب من جزء من فلسطين وهو ما احتلته في حرب الأيام الستة عام 1967م.. فهل يفعلها (بوش) أو (كيري) ليكون الرئيس الأمريكي التاريخي..؟
إن تجاهل أمريكا للجزر الأساسي والسبب المباشر للإرهاب هو الظلم الأمريكي، الأوروبي، الإسرائيلي..
ومتى اعترفت هذه الأطراف بهذا السبب.. وعالجته بالدواء الشافي وهو (إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس)، فإن السلام سوف يرفرف على ربوع العالم.
وإن لم يفعلوا فعليهم أن يخوضوا حروب المظلومين التي لها بداية ولكن ليست لها نهاية.. و(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved