حلقة (الحوار الوطني) القادمة, ستكون في المدينة المنورة بإذن الله.
* وموضوع الحوار هذه المرَّة سيكون عن المرْأة وربما بالإضافة إلى موضوع آخر, كما سمعنا.
* وفي اختيار المكان والموضوع, توفيق مباركٌ فيه, أو تخطيط محمودٌ مثنى عليه.
* فعلى مَقْرُبة من مكان الاجتماع في طيبة الطيّبة, نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم, تلك الآيات في سورة المجادَلة, عن المرأة التي أتت تجادله, صلى الله عليه وسلم, فنزل القرآن بأن الله قد سمع قوْلها, وهي تجادلُه في زوجها. وقد أراد الله سبحانه وتعالى إنزال الحكم على الحال, ولكنه سبحانه وتعالى أورد المجادَلة, في السياق, إذ تجادل المرأة أكْرَم الخلق الذي لا ينطق عن الهوَى.
* فعسى أن تتسع صدور المتحاورين, وأذهانهم لمبدأ الحوار, أو الجدَل عن المرْأة, ومن المرْأة, وأن يحكمهم حسْن الظن, وعدَم الانقياد, للأحكام المسبقة, والتصورات المختَلقَة مفترضين أن الجميع, نساءً ورجالاً, متفقون على مبادىء, مُتطلعون إلى حُلول نظيفة وفاضلة وعملية, لا تحيد عمَّا شرعه الله, ورسوله.
* وعلى بُعْد خطوات من مكان الاجتماع, وقف عمر على المنبر, في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم, وأراد أن يقضي بأمْرٍ, يخص النساء, فاعترضت امرأة من عامة المسلمين, ودعَمَت, اعتراضها بالدليل الشرعي, فقال عمر قولتَه الشهيرة: أصابت امْرأةٌ, وأخْطَأ عمر.
* ولا بأس, أن يخطىء كثيرٌ من الرجال ويكون الصواب إلى جانب كثير من النساء, فالحق والعدل وصواب الرأي, ليست حكراً على النساء, أو الرجال, وهي ليست مفاهيم (ذكورية) أو (أنثوية) ولكنها, مفاهيم مُطْلقة, نبيلة يوفق الله إليها من يشاء من عباده.
* وأرجو إذن, ألا تأخذ أحدهم, العزَّة ب(ذكوريته), فلا يدقق أو يُوازن أو يتراجع إذا أخطأ, وأصابت أُختٌ له, ولا يخشى أن يخرج المجتمعون والمجتمعات, فيقولون جادلت فُلانةٌ, فُلاناً فأفحمته وظهرت عليه, لأنه يستطيع حينئذ, أن يُفْحِمَ الجميع, ونقول لقد أصابت امرأة من قبل وأخطأ عمر, وأنه قد قال بذلك أمير المؤمنين عمر, رضي الله عنه, وشهد ذلك حشْدٌ من المسلمين, صحابيين, وصحابيات.
* كل المتحاورين سيكونون واعين- بإذن الله- لحق المرأة وقدرتها على الحوار, وإبداء الرأي ومقتنعين بوجوب الاستماع بكل احترام وتقدير للآراء الصائبة, والأفكار الجيدة, وهم ليسُوا في حاجة إلى أن ينصحهم أحدٌ مثلي أو يلفت انتباههم إلى المكانة, الفكرية والاجتماعية والسياسية التي احتلتها المرأة في صدر الإسلام, ومساهمتها في بناء حياة نظيفة فاعلة, وكلُّهم- بعون الله- تحدوهم الرغبة في تمكين المرأة والتيسير عليها لكي تقوم بدور إيجابي, وفعَّال, في مجتمع نظيف, وفاضل وعقلاني, يهتدي بالإسلام, ديناً , وطريقة حياة.
* ومع ذلك يحدُوني أمل في ألا يقتصر النقاش على الجوانب النظرية, والتجريدية, وأن نتجه أكثر, نحو تناول المشاكل العملية, والظروف الواقعية, التي تواجهها المرأة في مجتمعنا, حتى يمكن إيجاد حلول عملية لها, ولكي يتم ذلك يجب تزويد المجتمعين, بأكبر قدر من المعلومات والإحصائيات عن (الحالة النسائية) في بلادنا.
* نَعْلَمُ- تقريباً- أن أكثر من 50% من طلاب التعليم العام, والتعليم العالي من الإناث, وأن حوالي 35% من موظفي الحكومة من الإناث, وستزيد هذه النسبة خاصة في القطاع الحكومي, ولا نعلم النسبة في القطاع الخاص, ولا نعلم عدد الأُسر, التي تعتمد على المرأة كمعيل وحيد أو رئيس، ولا نعلم نسبة الأصول الرأسمالية التي تمتلكها النساء, وما هي- بالتحديد- المشاكل والعقبات اليومية التي تواجهها المرأة, في ممارسة ذمتها المالية, تصريفاً, وإدارةً, ولا نعلم على وجه التحديد إحصائيات, البطالة والفقر وغير ذلك. وربما يكون من المفيد أن نستمع إليهن يتحدثن عن قضاياهن ومتاعبهن, وما يقترحنه من حُلول, والجميع, مطمئنون إلى المبادىء, والمنطلقات والأهداف, والرغبة في أن تكون حياة المواطن, وممارساته ومبادراته, ميسَّرة, عادلة, ونظيفة.
* يصمت الرجال المسالمون عادة, عندما تتحدث المرأة, خوفاً, ومهادنةً, أو تجنباً للصراع, أو هروباً من مواجهة الرأي الآخر, الأنثوي المقنع.
* ويعتقد البعض بأن الرجل إذا أصاب في رأيه, سَّماهٌ الناس مُصيباً, وأن المرأة إذا أبدت الرأي السَّديد, فإنها تستحق أن نسميها, امرأةً مُصِيبَةً, وهم يقصدون أنها (مُصُيبة) حقاً.
- المواطنون المُصيبُون, جمع مذكر سالم, من المصائب ومن التعصُّب, يشتمل في ردائه على رغبة غير محدَّدة الجنْس, في الوصول إلى الحقيقة الفاضلة, والاهتداء إلى الطريق السَّوي.
|