إن وضع الأندية الرياضية في بلادنا يحتاج إلى تسليط أضواء جديدة عليها، وقد مضى على تكوين بعض هذه الأندية فترة من الزمن ليست قصيرة.. ولكن الذي يلاحظ عليها بكل دهشة واستغراب أنه لا يوجد ناد ما حتى الآن يملك مقراً وملاعب خاصة به - واستثني ناديين أو أكثر من الأندية التي تسمى أندية ريفية - وكلما أتذكر هذه الحقيقة أفكر باستمرار في دخل الأندية وأين يذهب؟
إن هذا التساؤل ليس حديث عهد في التوارد على ذهني، بل على العكس من ذلك، فمنذ أن كانت لي صلة رسمية أو غير رسمية بالأندية وأنا أردد هذا التساؤل.
وكلنا يعرف حق المعرفة أن بعض الأندية في بلادنا ذات المجد والشهرة وصاحبة الآلاف من المشجعين والمدعمين تحصل على دخل طيب، سواء كان هذا الدخل يأتيها من مبارياتها الرياضية ونشاطاتها الداخلية والخارجية، أو يأتيها في شكل إعانات مختلفة من الجهات المسؤولة تبدأ بإعانة النشاط السنوي، وإعانة المدربين وتنتهي، بإعانة الاركابات والتنقلات، ولكن أين تذهب كل هذه الإعانات؟ فبالرغم من كرم وسخاء وبذل الجهات الرسمية على الأندية التي كنا نتوقع أن يحدث منها (مردود) طيب في سبيل تحقيق رسالتها وأهدافها، غير أن النتائج لم تأت إلى الآن على الأقل بالأماني التي نريد من الأندية تحقيقها، فنشاط الأندية بوجه عام يرتكز على الرياضة، وكرة القدم وحدها تأخذ نصيب الأسد من نشاطات الأندية الرياضية.
أما النشاطات الأخرى الثقافية والاجتماعية والفنية فهي تقام أو يهتم بها في الحدود التي تسمح بزيادة الموارد المالية للأندية، أو إذا بلغ التنافس في أحد ألوان هذه النشاطات ذروته بين ناديين معروفين بالتنافس فيما بينهما..!
إن الأندية ليست أماكن - مؤجرة - يجتمع فيها عدد من الأفراد (اللاعبين) لغرض الحصول على المال أو الموتوسيكلات أو السيارات أو غرض الانتصار في حدث رياضي مؤقت على الخصم، ولكن الأندية أماكن ومؤسسات اجتماعية لا بد أن تتوفر فيها شروط أساسية لممارسة الشباب طاقاتهم فيها.
في الأندية لا بد من تحويل الشخصية الفردية للشاب إلى شخصية اجتماعية تؤمن بالأهداف المشتركة وتدافع من أجل تحقيقها فيما يحقق المصلحة العامة بين الشباب بعضهم البعض، وبينهم وبين مجتمعهم في شتى علاقاتهم معه.
وفي الأندية لا بد من أن يتعلم الشباب القيادة والتبعية، القيادة عندما تتوفر فيه خصائصها ومقوماتها، ويحس أنه قادر على تحمل تبعاتها. والتبعية عندما يوجد من هو أقدر منه على تحمل زمام القيادة!!
وفي الأندية أيضاً لا بد من أن يكتسب الشباب صفة التعاون مع الغير، وهذا التعاون دعامة من دعائم النجاح في الحياة ومبدأ التعاون مع الغير لا يكتسب عن طريق الإرشاد والنصائح، وإنما يكتسب عن طريق الاندماج مع الجماعات وعن طريق التجربة الشخصية، وأحسن فرصة لتحقيق هذا التعاون مع الغير تكمن في الأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية.
وفي الأندية لا بد للشباب من تعلم احترام الأنظمة واللوائح الداخلية الموجودة بها حتى يمكنه احترام النظم والقوانين العامة في المجتمع.
وفي الأندية لا بد من توفير اللياقة البدنية للشباب لأنه من مميزات الشباب الحيوية أن يكون جسمه صحيحاً سليماً قادراً على توجيه طاقاته وإمكاناته في المجالات التي تحقق له نجاحاً مطلوباً. وفي الأندية لا بد من أن يتعلم الشباب أن المصلحة العامة لبلده فوق كل اعتبار، وأن سمعة بلاده ومكانتها فوق كل ناد مهما بلغت مكانته.. لا بد له أن يتعلم كيف يضحي بذاته وذات ناديه في سبيل بلده ورفع سمعته في الأوساط الدولية, فهل تحقق الأندية القائمة عندنا شيئاً مما تقدم بالنسبة لشبابنا؟
لا اعتقد أنني في حاجة إلى جواب على هذا السؤال، لأن الإجابة عليه متروكة للقارئ نفسه.. غير أنني أود أن أشير إلى أن عدم تحقيق مثل هذه الأشياء في الأندية قد تكمن في بعض الأسباب الخفية التي كانت خلف نتائجنا في دورة الخليج الأولى, هذه الأسباب التي لم تسلط عليها الأضواء بعد.
وأعود مرة ثانية إلى الإعانات التي تذهب سنوياً إلى الأندية، أين تذهب؟ وكيف تصرف؟ وهل لو صرفت مثل هذه الإعانات في بناء منشآت رياضية للأندية نفسها، أو أقيمت بها ساحات شعبية أو مراكز صغيرة لرعاية الشباب في القرى والمدن الصغيرة.. أليست تحقق كثيراً من الفوائد ما يفوق بكثير مما تحققه عندما تصرف في شكل إعانات تذهب للأندية دون مراقبة جدية على كيفية صرفها؟!.
المحرر
هذا المقال نشر في يوميات جريدة (الرياض) بقلم الأستاذ عبدالله عبادي، وقد رأينا إعادة نشره تعميماً للفائدة.
|