للإنسان علاقة قديمة مع الخبز ولأنه يحبه فقد تفنن في صناعة خبزه مدوراً ومستطيلاً ونحيفاً وسميكاً وحلواً ومالحاً ومقرمشاً.. وخبزه آخرون بالعسل والحليب واللحم والجبن ولكنه ما يزال يؤكل خبزاً(حاف).. أب عن جد توارث ذلك الحب يمكن له أن يتخلى عن كثير من الأشياء لكنه ظل وفياً للخبز، في الليل يحلم به وفي النهار يقطع الدروب بحثاً عنه لا يهدأ له بال حتى يحصل عليه، رحلة تاريخية طويلة قطعها وكان رفيق دربه، فزوادته تعتبر فارغة إذا لم يكن داخلها.. بدونه يتحول إلى وحش وبه يصبح مسالماً رائق البال.. فالإنسان يصنع الخبز والخبز أيضا يصنعه.. البشر الذين يشبعون منه- ويتضح ذلك من امتلاء كروشهم وبروزها- تختلف سلوكياتهم عمن فقدوه أو يرونه فقط في أيدي الآخرين وأفواههم!.. من أجله ملئت صفحات التاريخ كفاحاً وحروباً وتحرراً ونضالاً وصراخاً وأدباً وشعراً.. أطفاله يبكون ولقطعة صغيرة يضحكون فيضحك هو أيضا.. لأنه يحب الخبز فقد ضحى من أجله حتى بروحه.. ما زال يحب طعم الحرية والتحرر لكن للخبز طعماً آخر.. بين الفم وقطعة خبز علاقة يمكن عنونتها بأنها الحياة. ما أبسطه من مطلب لكنه للأسف لا يتحقق دائماً.. سيظل الخبز شعاراً ضرورياً للعدل والمساواة الكرامة ومن لا يجده لا يمكنه أن يحب حتى نفسه.. الكارهون في الأساس لم تتم دعوتهم إلى وليمة الخبز!!.
|