** الشأن العراقي.. طغى على كل الاهتمامات.. وسحب البساط من كل الأحداث الإقليمية والدولية.. والمسألة لم تعد مسألة احتلال للعراق فقط.. بل غدت مأساة العراق الداخلية.. وشبح الحرب الأهلية ومستقبل هذه الدولة ومستقبل أهلها.. في بلد يشهد التاريخ أنه قليل الاستقرار.. كثير القلاقل.. ويشهد الواقع.. أنه مركب من قوميات وأعراق.. بينها ما بينها.. مهما حاول تجاوز ذلك.
** لقد دمّرت في الفترة الأخيرة.. عدد من المساجد.. وقتل عدد من المصلين.. وهزت البلاد عدة انفجارات، ومذابح راح ضحيتها عدد من العراقيين الأبرياء.. وهذه الأمور كلها..لا يمكن فصلها عن خلافات داخلية قد تؤجج صراعات أوسع.. وقد تقود البلاد إلى حرب أشنع وأفظع.
** كم قتل من العراقيين بعد انتهاء الحرب؟.
** هل مر يوم واحد دون أن يموت خمسة عراقيين على الأقل؟.
** هذا.. غير الذين يموتون بالعشرات في مذابح متفرقة.
** العراقيون اليوم.. يموتون بنيران قوات التحالف.. ويموتون اليوم أيضا.. بنيران العراقيين أنفسهم.
** الأمريكيون.. أصابعهم على الزناد.. والرصاصة(طالعة طالعة) وبمجرد أدنى حركة من عراقي.. يجد نفسه ملقى على الأرض جثة هامدة.. حتى لو أراد مجرد توجيه سؤال أو استفسار.. لأن المسألة.. مسألة حياة أو موت.. وقوات التحالف جربت الوضع.. وعرفت أن الكثير منهم ماتوا هكذا.
** العراقيون اليوم.. يموتون يومياً.
** العراقيون اليوم.. رغم اتفاقهم على دستور أو مشروع دستور هش.. وقعوا عليه كلهم.. ولكنهم اتفقوا كلهم على أنه سيئ وقاصر وناقص وغير مقبول.. والكل يريد وضعاً أكبر لقوميته أو مذهبه أو جماعته.. ولا يهمه العراق ولا استقرار العراق.
** لقد وقعوا على الدستور اليوم.. وعقدوا مؤتمرات صحفية مختلفة.. وقالوا: إنه غير مقنع.. وغير مرضٍ.. ولا يلبي أدنى احتياج.
** هذا الكلام الذي قيل.. هو مجرد قنابل موقوته.. وألغام مزروعة تحت الأرجل.. ولمجرد هزِّ قناعات الناس فيه.. ولمجرد إشعار العراقيين كل العراقيين أن الأمور لم تستقر .. وأن النفوس لم تهدأ.. وأن الوضع قابل للانفجار وفي أي وقت.
** درس العراق اليوم.. درس بليغ للغاية.. ووضع العراق اليوم.. وضع مأسوي كريه.
** والعراقيون اليوم.. يعايشون الموت كل لحظة.
** يخرج العراقي من منزله.. وقد كتب وصيته.. وودع أولاده.. وقد يعود أو لا يعود.
** قد يفتكه لغم.. وقد يقتله انفجار.. وقد يقتله أمريكي.. وقد يقتله عراقي.. وقد يقتل بقصد .. وقد يقتل بدون قصد.. وقد يقتله لص.. وقد يموت دون أن يسعفه أحد.. وقد.. وقد.. والمسألة كلها (موت).
** العالم كله مشدود.. والمسألة العراقية هي أم المسائل.
** رئيس وزراء أسبانيا الجديد.. والمرشح الاشتراكي الفائز في الانتخابات.. لم يتحدث قبل فوزه وحتى بعد فوزه إلا عن وضع العراق.. وارتبك العالم كله بتصريحاته الأخيرة.. ولكن لو تحدث عن وضع اليابان أو كوريا أو حتى أستراليا وكندا وألمانيا وفرنسا، لما التفت إليه أحد.. ولكن عندما تحدث عن العراق أصغى له العالم كله.. وارتبك العالم كله.. ومنهم من قال: إن المسألة.. مسألة دعاية انتخابية وفرقعة إعلامية و(بكرة .. يهون).
** الشاهد.. أن (المذكور) عرف كيف يخاطب العالم.. وعرف كيف يجعل العالم يصغي.. وعرف كيف يجذب أصوات الناخبين.. وعرف كيف يتعامل مع المتغيرات والأحداث.. وعرف كيف يتكلم .. وسواء طبق لاحقاً.. أو لم يطبق.. فالمسألة (سيان) بالنسبة له.. وسواء سحب جنوده الخمسين هناك.. أو لم يسحبهم.. فالمسألة .. مسألة رضا أو غضب أمريكا فقط.
** أقول: إن وضع العراق اليوم هو الذي طغى على كل حدث.. حتى صار جزءاً من البرامج الانتخابية في أسبانيا وروسيا وأمريكا (اليوم) وغيرها من الدول التي ستشهد انتخابات لاحقة.
|