سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة -سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشير الى الخبر المنشور في صفحة محليات في عدد الجزيرة ذي الرقم 11477 الصادر يوم الاثنين 10 من محرم 1425هـ تحت عنوان (استعراض أعمال لجنة السجناء بخصوص الورش التدريبية) حيث جاء في الخبر ان معالي محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني الدكتور علي الغفيص التقى الأستاذ عبدالله بن سليمان المقيرن رئيس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم واسرهم واعضاء الهيئة التنفيذية للجنة، وأثناء اللقاء تم تقديم تقرير موجز عن أعمال الورش التدريبية خلال الفترة الماضية، وانه سيتم تأهيل السجناء ونزلاء الاصلاحيات، من اجل الانخراط داخل المجتمع والعمل على ما من شأنه المساهمة في تحقيق المصلحة العامة، وحيث ان التخصصات التي سيتم التدريب عليها هي: تخصصات الحاسبات والإلكترونيات والتبريد والتكييف، فهذه خطوة جيدة وموفقة ويشكر عليها الجميع.
ولكن هذه التخصصات الآنفة الذكر قليلة جداً قياساً بعدد السجناء، لان نزلاء السجون والإصلاحيات، يوجد بينهم تفاوت في اختلاف وأنواع القضايا وكذلك في الأعمار وفي مستوى التعليم وأيضا في نسبة الذكاء والمواهب، ومعظمهم قضاياهم بسبب كثرة الديون والكثير منهم يعولون أسرا كبيرة تتكون من والدين وزوجة وأولاد وأحوالهم المادية سيئة للغاية، وعندما يتم توقيف رب الأسرة أو ابنها في إحدى القضايا، فإن حالة الأسرة تزداد سوءاً، خاصة إذا كان هو الوحيد الذي يعتمد عليه بعد الله في مصدر رزقها.
والبعض الآخر من الشباب الذي كان ينظر الى المستقبل بكل تفاؤل وأمل ولكن قدر الله عليه ان يكون رهين السجن!.
فإذا كانت مدة البقاء في السجن طويلة فإنه سيمضي به العمر ويفوته كل شيء كان يأمل الوصول اليه، ومن ثم تتحطم كل آماله وطموحاته ويعيش بقية حياته في حسرة والم.. فإذا كنا كمجتمع نتألم لحال السجين فيا ترى كيف تكون حال والديه واسرته؟!
وبما أن الدولة -رعاها الله- مهتمة وحريصة وعازمة على تحسين أوضاع السجناء ونزلاء الاصلاحيات والعناية بهم، وذلك من خلال برامج التعليم والتثقيف والتدريب والتوجيه ليعودوا أعضاء صالحين في المجتمع لان السجن لدينا لم يكن للانتقام والتعذيب وانما للردع والتهذيب وليس ادل على ذلك من العفو الذي يصدر من ولاة الامر وفقهم الله بين الحين والآخر المتمثل في الإفراج عن عدد من السجناء قبل انتهاء محكومياتهم بمدة طويلة.
ومن هذا المنطلق فإنني وعبر منبر الجزيرة أقدم مقترحا الى المسؤولين في اللجنة الوطنية لرعاية السجناء ونزلاء الاصلاحيات عسى ان يجدوا فيه ما يساهم في تحقيق الآمال المنشودة لان أوضاعهم تهم كل مسؤول ومواطن غيور على وطنه ومجتمعه ويهمه ان تكون أوضاعهم واسرهم في احسن حال ويتمثل ذلك في الاتي:
- تحويل كافة السجون في مناطق المملكة الى مدن إصلاحية صناعية حرفية أي بناء مدن كبيرة منظمة ومحصنة وذلك بموجب مخططات ومواصفات متميزة خاصة.
- فتح المجال لمن يرغب المشاركة في بناء المدن من أصحاب الأيادي البيضاء في الأعمال الخيرة.
- تقسيم كل مدينة الى عدة أقسام صناعية وحرفية بحسب قضايا النزلاء.
- تخصيص أقسام للتحقيق ومحاكم وقضاة للنظر في مختلف القضايا عن قرب.
- تشكيل لجان لمقابلة السجناء لمعرفة قضاياهم وقدراتهم ومستوياتهم لتحديد من سيتدربون وتكون هذه اللجان متخصصة ولها الصلاحية لتتمكن من الإشراف والمتابعة.
- توزيع السجناء والنزلاء على الأقسام كل بحسب قدرته ورغبته وميوله ومستواه.
- توفير نخبة من المعلمين والمدربين المهرة والموجهين والمرشدين.
- توفير كافة المعدات والمستلزمات التدريبية الضرورية التي تتطلبها كل صناعة ومهنة وحرفة.
- اشغال أوقات السجناء بما يعود عليهم بالنفع والفائدة من خلال وضع جداول وبرامج مختلفة و(حصص) تدريبية لها بداية ونهاية واختبار ومنح شهادة معتمدة لمن يجتاز.
تشتمل التدريبات على صناعة الأبواب الحديدية والخشبية والنوافذ والطوب (البلك) وأعمال البناء والتسليح واللياسة والبلاط والسباكة والكهرباء والدهان وميكانيكا السيارات.. الخ، وغير ذلك من الصناعات والحرف والمهن الأخرى التي نحن بحاجة لها.
- عرض المنتجات في الأسواق المحلية لبيعها للاستفادة من ثمنها في صيانة او إعاشة وبالتالي سد بعض احتياجات السوق.
- تخصيص جزء من ثمن المبيعات للسجين او لاسرته لسد بعض احتياجها.
بعد ان تنتهي مدة المحكومية ويخرج السجين يمنح قرضاً يساعده على استئجار محل لتأمينه بالبضاعة او شراء معدات كل حسب تخصصه ومقدرته.
- الذين قضاياهم خفيفة تكون عقوبتهم بتكليفهم بالعمل لدى الدوائر الحكومية او الشركات مدة فترة العقوبة المقررة بموجب ضوابط تحت إشراف ومراقبة مراكز الشرطة، للاستفادة منهم، وذلك على غرار ما هو معمول به في بعض الدول.
بعد ان تنتهي الأقسام من مرحلة التدريب وتبدأ في التصنيع والإنتاج، فإنه سيكون لذلك نتائج إيجابية ومنها:
- يكون قد توفر لدينا مصانع منتجة ومدربون وحرف وحرفيون في كافة المهن.
- يكون السجين قد تعلم وتدرب وتحصن ضد الانحرافات والسلوكيات الخائطة واصبح عنصراً فاعلاً في المجتمع ومنتجاً.
- سيساهم ذلك في ارتياح واستقرار أوضاع السجين واسرته.
- سيكون لذلك اثر فعال في السعودة والتقليل من الاعتماد على الغير من العمالة الوافدة.
ومتى ما درس ذلك من قبل الجهات المعنية وتم اقراره وتنفيذه فإنه سيتحقق بإذن الله ما تسعى الدولة من اجله وتهدف الى الوصول اليه، وهو اصلاح هذه الفئات التي جنحت عن الطريق السوي وأصبحت رهينة سلوكياتها وتصرفاتها الخاطئة.. نسأل الله الهداية لنا ولهم وان يعصمنا ويحفظ بلادنا ومجتمعنا من كل سوء.
عبدالله بن حمد السبر
ص.ب 32010 الرمز 11428 الرياض |