يعيش الإعلام في عالمنا اليوم الكثير من المتغيرات بعضها إيجابي، وخصوصا في التقنيات التي جدت على الساحة الإعلامية، ولكن توظيفها لخدمة الإعلام الإنساني تباينت من مجتمع إلى آخر، فالمجتمع الغربي الذي أوجد هذه التقنية وظفها كما يجب لخدمة مصالحه. أما في العالم الثالث بالذات فوقع في الفخ الذي نصبه له الإعلام الغربي واصبح يروج له عبر وسائل الإعلام المختلفة، فنظرة إلى الإعلام العربي، ولا سيما الفضائي، اصبح تحت مؤثراته باسم الحرية والديمقراطية، فنظرة إلى الحوارات المتنوعة التي تتم هنا وهناك نجد أنها تفتقد المصداقية في الطرح لأنها تهمش قيم وثوابت الأمة وتتيح لمن هب ودب الدخول في هذه الحوارات، المهم الحصول على مادة إعلامية بصرف النظر عن جودتها وملاءمتها للشعوب ومعتقداتهم، وهم بهذه الطريقة يحققون خدمة للاستعمار الذي ينطلق من مبدأ (فرِّقْ تسُدْ) وإلا كيف تتاح الفرصة لمن لا يملكون مقومات الحوار؟ وهو معروف سلفا توجههم الذي يناقض قيم الأمة، علاوة على ذلك التأثير الإعلامي الذي يحدثه على الذين لا يملكون الحصانة الفكرية من عامة الشعب العربي، بالإضافة إلى ما توجده من صراعات بين المفكرين والشعوب والحكومات، وهذا التوجه يناقض الخط الإعلامي الذي تبنته الدول العربية التي تمتلك هذا الإعلام، وكأنه ليس بيدها، باسم الحرية الإعلامية، وهذا السلوك الإعلامي بهذا النهج سوف يبدد الوحدة العربية الإسلامية التي ننشدها، ولن يكون لنا موقع بين الأمم إذا كان هذا التنافر يتم بين أبناء الأمة الواحدة؛ لأن اتفاق الكلمة المبنية على الهوية التي تملكها تمهد الطريق إلى استكمال منظومات الحياة الأخرى من اقتصادية وسياسية وثقافية وصناعية، وسيطرة على البيئة وتسخيرها لخدمة الإنسانية، فمن هذا المنطلق لا بد للقائمين على الإعلام العربي أن يعيدوا النظر في مساره الإعلامي وتوجيهه الوجهة الصحيحة التي تحقق له المكانة التي تريدها الشعوب المنتمية إليه، هذا ما نرجوه.
|