لا يستطيع أحد أن ينكر الجهود المباركة التي تبذلها الدولة حرسها الله في كثير من المجالات التي تخدم الوطن والمواطن ولعل من أهمها الحفاظ على صحة المواطن والمقيم على حد سواء ولعل ما حدث من التوجيهات الأخيرة بوجوب إجراء الفحص الطبي على الزوجين قبل إجراء العقد خير شاهد على هذا الحرص وخاصة أن في ذلك حماية للأجيال القادمة وحفاظا على أغلى ثروة تملكها الأمم والشعوب وهي ثروة الشباب ومع أهمية هذا القرار لي عليه عدة ملاحظات أجملها فيما يلي:
1- على أهمية القرار وحساسيته بالنسبة للمجتمع لم تكن الحملة الإعلامية والتوعوية وتثقيف المجتمع بأهمية ودواعي إلزام الناس به بالشكل المطلوب مع توفير السبل والامكانات وخاصة في الجامعات والكليات بين فئة الشباب فلم نقرأ أو نسمع عن نشرات أو كتيبات توضح الهدف من هذا الكشف والأمراض التي سوف يسلم منها أبناء الزوجين عند إجراء مثل هذا الفحص.
2- أتمنى من أهل العلم في هذه البلاد بيان شرعية إلزام الناس بهذا القرار وأنه جاء لمصلحة الوطن. وأن الشرع لا يخالف ذلك بل يسنده ويؤيده. بل إن علماء الأمة ذكروا أن من الأفضل البعد عن زواج الأقارب حتى يكون الولد أنجب وربما للسلامة من الأمراض الوراثية.
3- على الرغم من الترتيب المسبق بين وزارة العدل ووزارة الصحة على تطبيق هذا القرار إلا أن بعض المستشفيات لم تصلها حتى الآن الأجهزة الخاصة بهذا النوع من التحاليل فمثلا مستشفى الملك خالد بمحافظة الخرج حتى موعد كتابة هذا المقال لم يصل إليها الجهاز. فإذا كانت محافظة بمثل محافظة الخرج على رغم الكثافة السكانية بها وكثرة المراكز التابعة لها لم يصلها هذا الجهاز فكيف بالمحافظات البعيدة والصغيرة مما يلزم أهل المحافظة إلى الذهاب للرياض لإجراء هذا الفحص وهذا فيه معاناة لهم وخاصة أن مدينة بحجم الرياض يسكنها قرابة ثلاثة ملايين نسمة لا يوجد هذا الجهاز إلا بثلاثة مستشفيات فقط.
4- ما الذي يمنع من إجراء مثل هذه التحاليل لدى المستشفيات الخاصة فكثير منها لا يقل مستواها عن المستشفيات الحكومية بل قد يكون أحسن حالا منها وخاصة أن نتائج الفحوصات ليست ملزمة فلا يعني احتمال الإصابة بالمرض منع الزوجين من الاقتران ببعضهما إذا كانت لديهما الرغبة في ذلك.
5- في تصوري أن إلزام المواطنين بهذا القرار فيه مشقة على الناس وفيه زيادة عبء على المستشفيات ونحن نعلم ما تعانيه كثير من المستشفيات لدينا، فهل يمكن أن يكتفي بإلزام المناطق التي ينتشر فيها مثل هذه الأمراض بالكشف الطبي دون غيرهم كالمنطقة الشرقية وجازان حسب ما ذكره المسؤولون بوزارة الصحة.
6- لماذا لا يشمل الكشف وإجراء التحاليل على الأمراض الوراثية الأخرى التي لا تقل خطرا عن أمراض الدم.
7- في حضور الزوج والزوجة إلى مستشفى واحد وفي وقت واحد مشقة بالغة وخاصة أنه في كثير من الحالات يكون الزوج في خارج منطقة الزوجة وهذا يترتب عليه أن يحضر الزوج مرتين مرة لإجراء الفحص ومرة ثانية لأخذ النتيجة وإجراء العقد وفي هذا مشقة بالغة تستدعي الزوج للسفر وربما الاستئذان في العمل أو اللجوء إلى الإجازات الاضطرارية ونحوها وخاصة إذا علمنا أن مدة ظهور نتائج الكشف عشرة أيام من أخذ العينة حسب إفادة المستشفى المركزي بالرياض ...فهل يمكن أن يجري الزوج التحاليل في أقرب مستشفى لديه وكذلك الزوجة ثم تعرض النتائج على المختصين في أقرب مستشفى حكومي وبدورهم يصدرون النتائج.
مع هذه الملاحظات أتمنى من وزارتي العدل والصحة النظر في تأجيل العمل بهذا القرار أو إعفاء المناطق والمحافظات التي لم تتوفر بها الأجهزة حتى الآن، أو قصر هذا الكشف على المناطق التي يكثر بها الإصابة بأمراض الدم.
|