* كتب - نورين جبريل:
استضاف فريق المحامين السعوديين لتسوية وضع المحتجزين السعوديين في غوانتانامو ليلة أمس الصحفي الأمريكي (ديفيد أوتاواي) المحرر في صحيفة الواشنطن بوست، الذي جاء إلى المملكة خصِّيصاً ليلتقي بأسر وأبناء المحتجزين السعوديين في معتقل غوانتانامو الأمريكي ويقف على آرائهم، وينقل ما يشعرون به تجاه ما يقاسيه أبناؤهم المحتجزون إلى الشعب الأمريكي عبر أكثر الصحف المقروءة في الولايات المتحدة.
****
وكان في استقبال الزائر وأسر المحتجزين أعضاء فريق المحامين المكوَّن من الأستاذ أحمد محمد مظهر رئيس الفريق، والأستاذ صالح بن عبدالعزيز السالم عضو الفريق وعضو مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، والدكتور محمد عمر الإدريسي، والأستاذ كاتب فهد الشمري، والأستاذ خالد فهد السالم.
في بداية الأمر شكر الأستاذ أحمد مظهر الضيف على هذه الخطوة والمبادرة الحميدة مرحِّباً به، ثم أعطى الفرصة لمحمد العوشن شقيق المعتقلَيْن (عبدالعزيز) و(سلمان)؛ حيث أكَّد أنهما ذهبا إلى أفغانستان للعمل في إحدى جمعيات الإغاثة التي كانت تعمل في تلك المنطقة، وجاءتهم أخبار أن أهالي المنطقة من القبائل وجدوا في العرب سلعة رابحة، وأصبحوا يبيعون كل مَن يجدونه في المنطقة إلى الأمريكان أو قوات المقاومة الأفغانية التي كانت تحارب إلى جانب الأمريكان في الحرب. وطالب محمد العوشن الإدارة الأمريكية بتسليم المحتجزين إلى السلطات السعودية، مولياً ثقته بنزاهة القضاء السعودي القائم على كتاب الله وسنة نبيه. ونقل عن بعض أسر محتجزين لم يتمكنوا من حضور اللقاء تساؤلاتهم عن مصير ذويهم وما ينتظرهم من مصير.
وتحدَّث أيضاً قريب الشقيقين جمال خضير، الذي درس البكالوريوس والماجستير في الولايات المتحدة، ويدرس الآن الدكتوراة في بريطانيا، تحدَّث عن المفهوم السائد بين الناس عن أمريكا في السابق وأمريكا حالياً، خاصة بعد عرض مشاهد المعتقلين وهم مقيَّدون تماماً بالسلاسل، وينقلون بصورة لا تحفظ للإنسان حقه وكرامته. كما تحدَّث عن أثر مثل هذه المشاهد على أسر وآباء هؤلاء المعتقلين. ولثقته التامة بأخلاق أقاربه، خاصة الصداقة التي تربطه بعبد العزيز، أكَّد براءته التامة، متسائلاً عن سبب رفض أمريكا إجراء محاكمات مدنية لهؤلاء المحتجزين.
أما عائض حمود العتيبي شقيق المحتجز (بندر) فتحدَّث عن شقيقه طالب كلية الهندسة بالصف النهائي الذي ذهب في إجازته الصيفية إلى باكستان مع جماعة التبليغ والدعوة، وانقطعت أخباره، ليتفاجأوا بأن ابنهم ضمن معتقلي غوانتانامو. وتحدث عائض عن الأثر النفسي الذي خلقه هذا الخبر على والده الذي ظنَّ في بادئ الأمر أن ابنه في يد أمينة لما كان يسمعه عن الحرية والعدالة التي تنادي بها أمريكا، إلا أنه أُصيب بخيبة أمل عند مشاهدته لما يدور في هذه المعتقلات، وأصبح منزوياً لا يرغب في لقاء أحد، وينتظر عودة ابنه بفارق الصبر، كما أنهم لم يتسلموا أي رسالة منه إلى الآن، بالرغم من أن بعض الأسر قد تلقوا رسائل من أبنائهم.
وتساءل عائض عن سبب عدم تسليم هؤلاء المحتجزين إلى حكومة المملكة، بالرغم من قناعة أمريكا بجدية تعامل حكومة المملكة مع مثل هذه القضايا. وأكَّد على هذا الكلام شقيقه شعال العيتبي معلقاً أنه لو كان يساوره أي شك في إدانة شقيقه لما طالب بعودته إلى المملكة، وهو يعلم تمام العلم بعدم تهاون الحكومة في مثل هذه الأمور.
أما عبدالله محمد السبيعي شقيق المحتجز (عبدالهادي) البالغ من العمر 33 عاماً، فتحدَّث عن اعتقال شقيقه الذي تم على الحدود الباكستانية، مؤكداً أن شقيقه ذهب برفقة جمعية إغاثة، وأُلقي القبض عليه من قِبَل الأهالي والقبائل بالمنطقة، وتم تسليمه للأمريكان. وتحدث عبدالله عن الأثر البليغ الذي تركه هذا الحدث على الأسرة المكونة من الابن محمد (12 عاماً) وشقيقاته الثلاث (نورة - ماريا - غادة)، الأمر الذي تطلَّب من الأسرة تغيير السكن والانتقال إلى منزل آخر، إضافة إلى مستوى الابن التعليمي الذي تأثَّر سلباً بهذا الحدث، وحالة الطفلة النفسية السيئة التي باتت لا تفارق والدتها ولو للحظة. كما تحدث عبدالله عن صدمة والده لما يشاهده ويُعرض في التلفاز عن معاملة محتجزي غوانتانامو. واستغرب لمثل هذه المعاملة، خاصة لتاريخ العلاقة المميز بين أمريكا والمملكة العربية السعودية.
وظلَّ الطفل محمد ابن المحتجز صامتاً طيلة هذه الفترة، وعندما أُعطي فرصةً للحديث جاء سؤاله في كلمات بسيطة وبريئة، إلا أنها تحمل الكثير من المعاني، فوجه سؤاله قائلاً: (متى سيعود أبي؟).
أما عبدالوهاب عبدالرحمن الموسى شقيق المحتجز (عبدالحكيم) الموظف بمؤسسة الحرمين الخيرية، فتحدَّث عن ظروف وملابسات احتجاز شقيقه الذي ذهب ضمن فريق المؤسسة للقيام ببعض المهام الإنسانية هناك، وفقدوا الاتصال به، إلا أنهم تفاجأوا عند استلامهم رسالة من الصليب الأحمر تفيد بأن عبدالحكيم محتجز بمعتقلات غوانتانامو. وتحدث عبدالوهاب عن أخلاق شقيقه، وكيف أنه حصل على العديد من شهادات التقدير، وعن ظروف والده النفسية جرَّاء هذا الخبر، وتساءل عن سبب اعتقاله، خاصة وأن هناك كثيراً من الأدلة تفيد بأن عبدالحكيم ذهب في مهمة عمل خيرية.
وأكَّد الحضور من أسر المحتجزين مَن كانت تأتيهم رسائل من أبنائهم المعتقلين أن الرسائل قد انقطعت منذ أكثر من ستة أشهر، ولا يعلمون سبب انقطاعها، الأمر الذي ترتَّب عليه كثير من الشك والقلق في نفوس أهالي المعتقلين، كونها كانت الوسيلة الوحيدة التي تُطَمْئنهم على أبنائهم، كما اعتبروا أن مثل هذا الاحتجاز يُعتبر إنزال أشد العقوبة بأسرهم، فضلاً عن المحتجزين أنفسهم، وشكروا الصحفي على حضوره للاستماع إليهم مباشرة.
وهنا جاءت مداخلة الأستاذ أحمد رئيس الفريق الذي شدَّد على طلب الفريق الذي كانوا قد تقدموا به، وهو السماح لهؤلاء المحتجزين بالتحدث مع أهاليهم ولو لوقت قصير يطمئن الأهالي على صحة أبنائهم. كما تخلَّل اللقاء مداخلات بقية أعضاء فريق المحامين السعودي لتسوية وضع المحتجزين السعوديين في غوانتانامو من خلال اهتمامهم بهذا الملف؛ حيث أوضحوا الكثير من الملابسات، وشكروا الصحفي على هذه الخطوة.
وفي نهاية اللقاء شكر الزائر الحضور، ووعد بنقل هذه المشاعر إلى الشعب الأمريكي عبر صحيفته.
|