كثر الحديث في السنوات الأخيرة عما يسمى بالحكومة الإلكترونية، ولعل طرحنا يتناول جوانب تهم غير المتخصصين في هذا الموضوع بشكل يناسب ضيق المقام. فهي من حيث المفهوم تمثل استخدام تقنيات الحاسب الآلي والاتصالات لتحقيق ترابط آلي متكامل بين الجهات الحكومية والمواطنين وقطاع الأعمال من خلال شبكة الإنترنت، بهدف تسهيل العمليات الإدارية اليومية للقطاعات الحكومية، وتلك التي تتم فيما بينها، وتلك التي تربطها بالمواطنين أو قطاعات الأعمال. وهي من حيث الفوائد تؤدي إلى فوائد جلية وواضحة ليس على مستوى عمل الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسب بل على مستوى قطاعات الدولة - حفظها الله - كافة ومن ذلك: رفع مستوى الكفاءة والفعالية للعمليات والإجراءات داخل القطاع الحكومي، وتقليل تكاليف اتصال وترابط الجهات الحكومية مع بعضها البعض حيث سيتم ذلك آلياً،والتقليل من مشكلات فقد الوثائق وتزويرها، والمحسوبيات (ان وجدت) حيث ان معظم العمليات سوف تتم وتوثق بشكل آلي، رفع مستوى رضا المستفيدين عن الخدمات التي تقدمها لهم الجهات الحكومية وتقليل تردد المواطنين عليها مما سيكون له مردود اقتصادي كبير على المواطن وعلى البلد بشكل عام، وتطوير ومساندة العلاقات والأعمال التجارية والاقتصادية بين الحكومة وأرباب العمل.وتتضح صورة الحكومة الإلكترونية جلية بالنظر إلى تطبيقاتها في بعض الأمور التي تتعلق بخدمة المواطن فعلى سبيل المثال: يمكن من خلال الدخول على موقع المرور على الإنترنت التبليغ عن فقد رخصة أو لوحة سيارة وطلب رخصة جديدة أو إتمام عملية إصدار رخص القيادة وتحديد موعد مناسب لفحص النظر واستلام الرخصة. ومن تطبيقات الترابط بين الجهات الحكومية يمكن جعل الأنظمة الآلية موحدة لجميع قطاعات الدولة مثل نظام الخدمة المدنية ونظام المالية ونظام المشتريات والمخزون مع استقلالية كل جهة بصلاحيات آمنة على البيانات الخاصة بها. كما يمكن إجراء عملية انتقال الموظف من جهة إلى أخرى مع كامل معلوماته آلياً وبدقة وتحديث بياناته تلقائياً في جميع الجهات المعنية. ومثل عند ارتباط الموظف بموعد لدى إحدى الجهات الحكومية الأخرى يظهر ذلك آلياً لدى الجهة التي يتبع لها الموظف. وغير ذلك كثير.
وهنا يتبادر لنا سؤال فما هو واقع الحكومة الإلكترونية ومستقبلها وعلنا نجيب من الواقع فنقول لقد بادرت كثير من الدول إلى تطبيقها في كثير من أعمالها ولعل من أبرز التجارب على مستوى الدول الإسلامية تجربة ماليزيا وإمارة دبي والأردن، وقد بدأ تطبيق الحكومة الإلكترونية في المملكة في بعض الأعمال من أبرزها نظام استخراج تصاريح العمرة، أما في القطاع الخاص فقطاع البنوك قطع شوطاً كبيراً في ذلك كما هو ظاهر. وأما مستقبل الحكومة الإلكترونية فمع تطور أجهزة الحاسب الآلي ودمجها مع أجهزة الجوال ومع وجود خدمات الإنترنت الجوالة فقد يحدث في القريب انه بإمكان الشخص إذا رأى منزلاً مناسباً له معروضاً للبيع فيمكنه شراءه ونقله إلى ملكيته خلال لحظات، وأيضا عندما يرتكب المخالفة المرورية كقطع الإشارة مثلاً ويتم تسجيل المخالفة عليه آلياً، يمكنه تسديدها في ثوان. وغير ذلك من وسائل التيسير والضبط في الحياة.إلا انه ومع ذلك نقول ان لكل شيء محاذير عند التطبيق ينبغي ان تراعى ومن ذلك: ان تطبيقها بدون دراسة متكاملة يجعل من الصعب على شرائح كثيرة من الناس ان تتقبلها والاستفادة منها. ولا بد من الحرص على بنائها بشكل قوي وآمن وسهل الاستخدام لما يسبب عدم العناية بذلك من الأخطار والمشاكل. كما انه لا بد ان تسير عملية تطوير البرمجيات المجانية مفتوحة المصدر بالتوازي مع عملية تطبيق الحكومة الإلكترونية حتى لا تتراكم مستحقات الشركات الكبرى المصنعة للبرامج مما يشكل خطراً على البلد.
وفي الختام نقول ان العمل في كل مجال يخدم الصالح العام يبدأ في خطوة وفي لحظة ولكن جني الثمار يمتد لسنين ولأجيال وهي كلمة تتطلب منا الوقفات العديدة مع الذات لحث الخطى والتطوير كل في مجاله حتى يتحقق المطلوب وهو بإذن الله في سبيل رفعة المجتمع وعمم المعروف الذي يمتد لجميع شرائح المجتمع قاطبة.
مدير إدارة الحاسب الآلي بالرئاسة
|