الزنا - حمانا الله منه - هو الهلاك والدمار به تضيع الأنساب وبه تهلك الأمم. ولم يحذرنا الله من الزنا فحسب بل حذرنا من أن نقرب أسبابه، فقال جلَّ من قائل سبحانه {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}. كما أنه كبيرة من الكبائر الثلاث التي عدها أهل العلم، وهي: الكفر، ثم قتل النفس بغير الحق، ثم الزنا. كما رتبها الله في قوله {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}. وهو ذنب عظيم ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: (قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك). وهو جرم تأنف منه النفوس السوية وترفضه حتى البهائم. فقد ذكر البخاري في صحيحه عن أبي رجاء العطاردي أنه رأى في الجاهلية قرداً يزني بقردة فاجتمعت القرود عليه حتى رجمته، كما أن ابن تيمية قال (حدثني بعض الشيوخ الصادقين أنه رأى نوعاً من الطير قد باض، فأخذ الناس بيضه وجاؤوا ببيض جنس آخر من الطير، فلما انفقس البيض خرجت الفراخ من غير الجنس، فجعل الذكر يطلب جنسه حتى اجتمع منهن عدد، فما زالوا بالأنثى حتى قتلوها، وهذا معروف في عادات البهائم إلا ما ندر، وهذه الجريمة النكراء لا ريب لها أسباب كثيرة منها: أن من الأزواج من هو جاف مع زوجته فلا يلاطفها ولا يلاعبها ولا يشبع حاجاتها النفسية والجسدية والجنسية - وهذا بالطبع ليس مسوغاً لارتكابها فاحشة الزنا - لكنه سبب يعضده أسباب أخرى تؤدي للوقوع في تلك الفاحشة وخصوصاً في زمننا هذا الذي فيه من المغريات والمغويات ما الله به عليم. ومن الأسباب الخروج غير المنضبط للمرأة بالضوابط الشرعية ومنها تلك النظرة المحرمة من قبل أحد الطرفين أحدهما أو كليهما وهي لا ريب تورد المهلكة، والنظرة في أيامنا هذه لها صور متعددة فثمة نظرة محرمة في السوق وأخرى في تلك القنوات الفضائية وثالثة عبر مواقع الإنترنت، تلك النظرة الحرام. ومن الأسباب أيضاً دخول الغرباء على النساء ألا وهم السائقون والخدم من الرجال وكذلك دخول الغريبات على الرجال والشباب خصوصاً ألا وهن الخادمات والمربيات ونحوهن. ولا ريب أن الأسباب لا يمكن حصرها في هذه العجالة لكن لعلي اختتم ذكر الأسباب بذكر سبب وهو لباس بعض البنات غير الساتر داخل البيوت أمام إخوانهن وعموم محارمهن. لذا أختم بذكر العلاج ويكمن في تلافي الأسباب أن نجد العلاج يضاف إليه أن يعي الدعاة والمربون والإعلاميون وولاة أمور النساء والشباب أن يعي كل دوره وأن يركز على غرس الوازع الديني الداخلي وتنميته لدى الناشئة من الجنسين فهو الأساس والركيزة، وان يتواصى الناس بينهم بخيرية الأمة فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بإنكار أسباب تلك الفاحشة قولاً وعملاً.
|