* رفحاء - تقرير - حماد الرويان:
مع الشتاء تأتي الأمطار, وتبرز من باطن الصحراء فطريات لذيذة الطعم هي (الفقع) التي يغرم أهل الخليج بجمعها وأكلها، ويخصصون من أجل ذلك الرحلات الطويلة في البر. للفقع أكثر من اسم بمختلف البلدان التي تنمو بها. وهي تتكون في باطن الأرض الصحراوية بسبب اشتداد الرعد والبرق. لأن البرق يعمل على تكوين أكسيد الأزوت في الهواء الجوي، ويذوب هذا الأكسيد مع مياه المطر ثم تسقط على الأرض. ويتسبب الأزوت في نمو هذه الفطريات لذيذة الطعم ذات الرائحة العطرية. لذا فقد أطلق عليها اسم بنت الرعد. وقد ذكر الطبري في تاريخه أن هذه الكمأة قد تكاثرت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فامتنع بعض القوم عن أكلها، وهم يقولون إنها جدري الأرض, وبلغ الأمر الرسول الكريم فقال: (الكمأة من المنّ. ماؤها شفاء للعين والبدن) وهي لا تقدم على موائد الطعام فقط ولكن يصنع من بعض أنواعها عطور جميلة.
الفقع هو جمع لكلمة فقعة، هكذا يطلقون عليه في بعض مناطق الخليج والجزيرة العربية, وفي منطقة بلاد الشام, يسمونه (الكماء) تحريفا عامياً لاسم (الكمأة) وهو اسمه العربي العتيق, ولما كان بعض من محبيه على قناعة لا تقبل جدلاً, وهي انه من فعل الرعد في أرض الصحراء, عقب شتاء ممطر, لهذا يشيع موسمه في نهاية فصل الشتاء. أو بداية فصل الربيع, وعليه فقد تعارفوا على تسميته باسم نبات الرعد.
وربما كانت قلة من الناس, تعرف عنه انه فطر, ينمو تحت سطح الأرض على أعماق متفاوتة تصل ما بين 2 سم إلى 50 سم ولا تظهر له أجزاء فوق سطح الأرض على الإطلاق. فلا ورق, ولا زهر, ولا جذر له.
تنمو الكمأة في الصحاري أو ربما يحلو له ان ينمو قريبا من جذور الأشجار الضخمة, كشجر البلوط على سبيل المثال، وتتكون من مستعمرات قوام كل مجموعة من عشرة إلى عشرين حبة, وشكلها كروي لحمي رخو منتظم, وسطحها أملس أو درني، ويختلف لونها من البيج إلى الأسود, يعرف مكان الكمأة اما بتشقق سطح الأرض التي فوقها أو بتطاير الحشرات فوق الموقع, ينمو الفقع أو الكمأة بكثرة في السعودية وخاصة في الشمال, وبلاد الشام, ومصر, والعراق, والكويت, والمغرب, وتونس, والجزائر, وأوروبا وخاصة فرنسا وايطاليا, التي تدرب الكلاب والخنازير لمعرفة موقع الكمأة. وتعرف الكمأة بعدة أسماء, فتعرف في السعودية بالفقع، وفي بعض البلاد بشجرة الأرض أو بيضة الأرض أو بيضة البلد أو الصقل أو بيضة النعامة. ولكن كثرة من الناس يهوون التهامه ويستطيعون تعاطيه, وينتظرون موسمه بشغف مميز وخاصة في السعودية ودول الخليج, لا بل إن بعضا منهم قد يختزنه لأيام لا فقع فيها, وقد تفننوا في طهيه وإعداده أشكالاً وأصنافاً, وكلمة الكمأة تعني الشيء المستتر, وفطر الكمأة ينمو، كما عرفنا، على هيئة درنات تتجمع كل عشرين منها معا، أو ربما ثلاثين, وتكون في حجوم تتفاوت وتختلف, وقد يصغر بعضها حتى يكون في حجم حبة البندق, أو يكبر ليصل حجم البرتقالة، ويشبه طعمها وهي مطبوخة طعم كلى الضأن.
أنواع الكمأة
توجد عدة أنواع من الكمأة، مثل الزبيدي ولونه يميل إلى البياض وحجمه كبير قد يصل إلى حجم البرتقالة الكبيرة، وأحياناً أكبر من ذلك, والخلاسي ولونه أحمر وهو أصغر من الزبيدي ولكنه في بعض المناطق ألذ وأغلى في القيمة من الزبيدي, والجبي ولونه أسود إلى حمرة وهو صغير جداً, والهوير ولونه أسود وداخله أبيض، وهذا النوع يظهر قبل ظهور الكمأة الأصلية، وهو يدل على أن الكمأة ستظهر قريبا, ويعتبر هذا النوع اردأ أنواع الكمأة ونادرا ما يؤكل.
في يومنا هذا يعد الفقع طعاما معروفاً مألوفاً, بل إنه طعام شهي مرغوب في كثير من بلدان العالم الشرقي, والعالم الغربي معا, إذ نجد انهم في فرنسا يجمعونه ويفخرون أن فطرهم من أجود أنواع الفطريات, لهذا فهم يجمعونه ويستهلكونه وقد يصدرون منه, وتقول أرقام الإحصائيات عندهم: إن إنتاجهم من الفقع يتراوح بين مائتي طن وثلاثمائة, كما يشتهر الفرنسيون بجمعه, فقد دربوا لجمعه كلاباً خاصة تتعرف عليه من رائحته المميزة.
الاستعمالات:
هناك استعمالات داخلية وأخرى خارجية:
1 - الاستعمالات الداخلية للكمأة:
- تستعمل الكمأة لعلاج هشاشة الأظافر وسرعة تكسرها أو تقصفها وتشقق الشفتين. واضطراب الرؤية.
- تستعمل الكمأة كغذاء جيد حيث تبلغ قيمتها الغذائية أكثر من 20% من وزنها، حيث تحتوي على كمية كبيرة من البروتين. ويصنع من الكمأة الحساء الجيد، وتزين بها موائد الأكل، ويجب أن تطبخ جيداً وأن لا تؤكل نيئة لخطورتها حيث تسبب عسر الهضم. وينصح بعدم أكل الكمأة للمصابين بأمراض في معداتهم أو أمعائهم. كما يجب عدم أكلها من قبل المصابين بالحساسية.
- تُستعمل الكمأة بعد غسلها جيدا وتجفيفها وسحقها لتقوية الباءة وذلك بعمل فعلي منها بشرط أن تغلى جيداً ولمدة لا تقل عن نصف ساعة.
2 - الاستعمالات الخارجية:
- لقد ثبت مجازيا أن ماء الكمأة يمنع حدوث التليف في مرض التراخوما وذلك عن طريق التدخل إلى حد كبير في تكوين الخلايا المكونة للألياف, وعليه فإن الكمأة تستعمل في الطب الشعبي وعلى نطاق واسع في علاج التراخوما في مراحلها المختلفة.
تحذير:
- يجب عدم أكل الكمأة نيئة وعدم شرب البارد عليها إذا أكلت بعد الطبخ لما في ذلك من ضرر على المعدة.
- يجب تنظيف الكمأة من التراب الموجود في التشققات الموجودة بها.
- يجب منع الكمأة عن المصابين بأعراض التحسس كالشرى والحكة وبعض الأمراض الجلدية وعن المصابين بعسر الهضم وآفات المعدة والأمعاء.
|