لم أكن أتوقَّع تلك (الهالة) التي أحدثها مقالي الأسبوع الماضي حول (سائقي الأسرة) الذين تحوَّلوا إلى طباخين، إذ لم يهدأ هاتفي الخاص ولا هاتف العمل، ولا حتى الفاكس من ردود الأفعال المؤيِّدة والمعارضة على مدار الأسبوع الفارط، وإن كانت الردود المعارضة والغاضبة شكَّلت ما نسبته 80% من مجموع الاتصالات حول هذا الموضوع، والحقيقة التي أستنتجتها من تلك المداخلات المعارضة، من الناس أفرزت لي أننا نحن السعوديين (عاطفيون) ولا نقبل النقد أو طرح وجهات النظر سواء اختلفنا حولها أو اتفقنا!!
فقد ذكرت إحداهن وهي في حالة من الغضب قائلةً إنك تدعو إلى (الاختلاط)! فيا سبحان الله فهل تقديم الأكل للسائق من طرف الخادمة أو أحد الأبناء أو حتى رب الأسرة يعد (اختلاطاً) أم أن الاختلاط الحقيقي هو ركوب الزوجة مع السائق وحدها والذهاب بها إلى المدرسة، أو السوق أو أي مناسبة اجتماعية؟! وهذا الكلام في نظري مردود عليها وهو ليس مبرراً إطلاقاً لعدم إشراك السائق في المأكل!!
وآخر يقول إنهم لا يريدون (أكلنا) وبالتالي فهم يفضِّلون (الريالات) على (الرزيزات) و(اللحيمات) وهم بالتالي أحرار، وهذا الرد ربما يكون فيه من الواقعية والإقناع اللذين يجعلاني أعيد النظر في رأيي!!
أما إحدى السيِّدات فقد بعثت بفاكس معقبةً على الموضوع وسوف يُنشر بإذن الله في صفحة (عزيزتي الجزيرة) قريباً، فقد كتبت بطرافة وربما تكون مقنعةً لي في فحوى ردها، حيث تقول إن هؤلاء القادمين إلينا من شرق آسيا، لا يروق لهم طعامنا الفاخر مهما كان، والسبب أنهم يبحثون عن (الفلافل) والتوابل و(الحوار) التي تقطِّع (المصارين) وهم لا يجدونها في غذائنا وبالتالي فهم يحبذون أن يأكلوا على طريقتهم الخاصة ومن طبخ أيديهم، وبالتالي فنحن نقدِّم لهم المقابل المادي بدلاً من الغذاء، حسب رغبتهم، وحقيقة فإنني قد توقفت كثيراً عند رد هذه السيِّدة وتأكَّد لي من الاتصالات المكثفة والحديث في المجالس ومع بعض الأقارب الذين هاتفوني منذ أن نُشر الموضوع أنني كنت على خطأ، فالمسألة كما يقولون ليست مسألة كرم بقدر ما هي تلبية لرغبة السائقين أنفسهم، ومع أنني مقتنع أو غير مقتنع بهذه الردود والأعذار وهذه التبريرات إلا أنني أؤكِّد وللمرة الألف، بل المليون أن روائح الثوم والبصل والتوابل التي تنبعث من غرف السائقين ليست هي من المظهر الحضاري ولا تمت له بصلة، ثم إن أنابيب الغاز الموجودة في غرف هؤلاء السائقين ربما تسبب كارثةً وخطراً على المنزل وصاحبه وفي (غفلة) من السائق، وأخيراً أقول إذا أصر السائقون على موقفهم فلنمنعهم من الطبخ في بيوتنا، فإما أن يرضوا بأكلنا أو يتوجهوا إلى المطاعم لملء بطونهم وبالتالي نرتاح من الروائح، وخطر الغاز، ونريح ضميرنا وبالنا.
|