Friday 19th March,200411495العددالجمعة 28 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هدية الأمريكان للعراق: هدية الأمريكان للعراق:
وزير دفاع مدني لأعرق جيش عربي!

* بغداد - د. حميد عبد الله:
سيتم تشكيل وزارة دفاع عراقية جديدة الشهر المقبل، وحسب عضو مجلس الحكم الدكتور عدنان الباجه جي، ستكون هناك وزارة دفاع قائمة بعد الثلاثين من يونيو، كما ان قانون إدارة الدولة (الدستور المؤقت) نص على قيام وزارة دفاع بإشراف مدني، ومعنى ذلك هو إلغاء الشرط السابق في الدولة العراقية بأن يكون وزير الدفاع ضابطاً عسكرياً بأعلى رتبة كما جرت العادة. وحسب تلك العادة فإن العديد من الانقلابات العسكرية التي كانت تقوم في العراق وفي العالم العربي كان لوزير الدفاع (الجنرال) دور رئيس فيها، وغالباً ما يمنح أعلى رتبة في يوم الانقلاب ليكون ملائماً لوزارته!
لكن التوجه العراقي هذه المرة هو نحو تجريد وزارة الدفاع من تراثها الانقلابي ومن رأس حربتها فإناطتها بسياسي قد لا يملك الخبرة العسكرية، لكنه سيتعلمها تدريجيا من رئيس أركانه المفترض ان يكون عسكرياً محترفاً، هو احتراس لا بد منه للديمقراطية البعيدة عن العسكر الآن في العراق. والمعارضون لهذا التوجه يقال لهم: دونكم تجربة دونالد رامسفيلد، فهي خير مثال.
ووفق هذا التصور يجري إعداد منصب وزير لوزارة جديدة تقوم على أنقاض وزارة دفاع سابقة لم يبق نمها سوى بناية في باب المعظم ببغداد، ووزير معتقل هو هاشم سلطان، آخر وزير دفاع عراقي بعد 46 وزير دفاع تسلموها منذ تأسيس الجيش العراقي في 6 يناير 1921م. وقد تستمر وزارة الدفاع الجديدة حتى عام مقبل بلا جيش ولا عتاد، بعد ان تم حل الجيش العراقي بقرار بول بريمر في مايو الماضي.. ذلك القرار الذي اعتبره البعض خطأ فادحاً فيما دافع عنه البعض الآخر.
لكن الجهود الآن تبذل لبناء جيش جديد من 50 ألف متطوع، وبالتالي وزير دفاع قوي يضطلع بالمهمة الأمنية التي يعول عليها الكثيرون. لكن عملية تشكيل الجيش المنتظر ما زالت بطيئة منذ ان تم الإعلان عنها منذ عشرة أشهر، وتؤخرها اجتهادات متباينة داخل مجلس الحكم وخارجه. فالبعض يعتقد ان وزارة دفاع عراقية لا يضيرها شيء إذا قامت على فوجين فقط عددها حتى الآن 700 متطوع، فهي عام 1921م كانت تقوم على فوجين هما فوج موسى الكاظم والآخر للخيالة.
والبعض الآخر يستهجن هذا الرأي ويصعب عليه ان تكون وزارة الدفاع بهذا الحال بعد ان كان بإمرتها رابع جيش في العالم !! وغير مقبول ان تقوم بلا جيش فتحل عليها النكتة.
وأصحاب هذا الرأي هم خليط من شخصيات عسكرية سابقة ومنظمات تحمل واجهات عسكرية كانت تعتقد ان الأمريكيين والبريطانيين سيفون بوعودهم التي قدموها يوم عقدوا مؤتمرهم العسكري في لندن قبل سقوط صدام بعام.. لكن الرياح جرت بغير ذلك. وفي مقدمة هذه المنظمات (منظمة الضباط الأحرار العراقيين) التي ما زالت تستمد اسمها - شكلاً - من تراث الانقلابات العسكرية السابقة، لكنها هي ومجموعة أخرى تحاول ان تضغط على سلطة التحالف كي يكون لها دور في تشكيل الجيش الجديد. ولكن إدارة بريمر تريده جيشاً بالمواصفات المطلوبة: جيشاً من المتطوعين الذين لا علاقة لهم سابقاً أو لاحقاً بحزب البعث وبعقيدته. ومثل هذا الشرط يصعب توفيره بالكامل في بقايا الجيش السابق؛ لذلك يصطدم هذا السعي بعدم وجود عسكريين بلا تاريخ بعثي أو مقرب من البعث.
ويصطدم هذا المسعى ايضا باستجابة بطيئة من الكثير من الراغبين في التطوع، أغلب هؤلاء ينتظرون قيام حكومة عراقية تفتحه باب التطوع لهم بدلا من ان يدخلوا الجيش الجديد من باب الأمريكيين.
من جهة أخرى، فإن مشكلة المليشيات الحزبية، التي تشكل عديد الجيوش العراقية القائمة الآن في العراق (البشمركة الكردية وقوات بدر وجيش المهدي.. الخ) تؤخر كثيراً عملية تشكيل جيش جديد، وتهدد وزير الدفاع المقبل بالكثير من المشاكل. فما معنى وجود وزارة دفاع بفوجين من المتطوعين أمام عشرات الآلاف من عناصر الجيوش الحزبية والطائفية المهيأة للصراع لا سمح الله؟
لذلك فإن مصير وزارة الدفاع والجيش الجديد يبقى معلقاً بالمدى الذي تصر فيه الأحزاب والجماعات المختلفة على الاحتفاظ بذلك.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved