فصول الأحزان الأربعة
تمضي الأيام وتتعاقب السنون وتدور الأحداث مازجة جدها بالهزل تارة وبالقسوة تارة أخرى
آه لو تعلم الآهات بمدى قسوتها
آه لو تعلم العبرات بمدى حرارتها
آه لو علمت نفسي الخجولة من قبل هذا...
آه لو علمت أيتها الروح الهائمة على صفحات جليد الأسى
وسماء الهموم
آه لو علمت أن للأحزان فصولاً أربعة
فصولاً تتلون بمعاني الحرمان..
قسوة وجمود كليلة شتاءٍ ذائب في كل معاني الجمود الكئيبة
***
حرارة وهج عاطفة متكسرة على عتبات صيفٍ غائمٍ متهالك
***
خريف زيفٍ وأوراق عناءٍ متناثرة،، مبتعثرة،،
كأوراق أشجار الخريف العارية من البهجة والحبور..
***
أين ربيعك أيها الحزن..؟
أين صوت بلابلك الشجية؟ أين قطرات نداك البارد أين وأين وأين..؟؟
لا لن أقول إن الحزن ثابت في دورته السنوية فما زال للفرحة ربيع.
***
لابد في يوم من الأيام أن تأتي الفرحة متزينة برداء الحسن والجمال..
تهب من خلالها نسمات الربيع العليل.
لا يأس مع الحياة ولا حياة مع القنوط..
شاكر عابد رمضاني
لحظات الرحيل
هاهي لحظات عامنا الأول قد همت بالرحيل فترى، ما الذي سيبقى بعد الرحيل سوى ذكرى تترنح بين جوانح ليل بلا خليل والمسافة تبدو قاسية والعبرات تندفع ثائرة ساخطة من ضجر وقسوة السنين ، والاشتياق يتعاظم إليك ولكن في هذه اللحظة الاشتياق يتعاظم إلى قلم أضمه بين أناملي بدفء لينقش عند أطلاله بدء كلمة حب صادقة لك أنت، أنت وحدك في كل وقت وفي كل زمان ومكان أعيشه.
حقيقتي وواقعي فيك أنني بدونك يهجرني الفرح وتهرب من شفتي البسمة وتحاصرني الهواجس وذلك عندما أتذكر لحظة الفراق التي لابد منها.
الفراق ذلك المارد المخيف الذي يخيم على قلوب المحبين فيحولها من بساتين خضراء إلى صحراء قاحلة ومياه ينابيعها المنسابة إلى جفاف مؤلم ذلك الفراق الذي قال عنه البحتري:
رحلوا فأية عبرة لم تسكب
أسفاً وأية عزيمة لم تغلب
لو كنت شاهدنا وما صنع النوى
بقلوبنا لحسدت من لم يحبب
هذه هي الدنيا إن أعطتك لحظة سعادة على طبق من ذهب ألحقتها بحزن في طبق من شوك.. وقد تحن عليك في لحظة ما وتقدم لك خلا وفيا وصديقا مخلصا وإنسانا ترى السعادة في عينيه ثم في عزة نشوة السعادة والشعور بطعم الحياة تسحبه من بين ذراعيك ومن أمام ناظريك وتترك لك حسرة في قلب تعب من الترحال لكن ومع هذا لنكون أقل تشاؤما وأكثر تفاؤلا.. ولننظر الى الحياة بمنظار آخر أقل سوداوية فقد نجد الأفضل.
لو جادت علينا الحياة بلقاء دائم لما شعرنا بأهمية وقيمة من نعيش معهم ومن الممكن أن نمل وجودهم ، لكن لو تم الفراق وشعرنا بقرب حلوله سنزداد تعلقا وأملا وحلما.
سنشعر بوجودنا وبأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة.. ستتجدد مشاعرنا وستعصف بنا رياح متعددة الاتجاهات وسنعرف حينها أهمية من عاش معنا ولو لساعة واحدة وسنظل على أمل لقاء جديد أكثر سعادة وتجدداً.
فلحظة الحزن وألم الفراق هما أقدر على إيجاد تلك الرغبة الداخلية على الكتابة التي تعكس ما يختلج في الصدر الذي قد لا يقدر اللسان على الإفصاح عنه ليأتي ذلك الفارس المعجزة صديق الوحدة والعمر فيتحدث ويسترسل ويفجر كوامن النفس التي ضاقت بها ضلوع الصدر.
لحظة الألم هي أصدق لحظة فلا تتركيها تمر مرور الكرام.
غادة محمد عبدالله
رسالةٌ من الحبيبة
في يوم غائم تلبد فيه السحب آفاق السماء، وبينما أنا جالسة في حجرتي تقاتلني الحيرة وتخنقني العبرة، حينها بدأت قطرات المطر تتساقط على الأرض وقطرات دمعاتي تتساقط على خدي لماذا؟ آه.. آه.. لعلها ليس دواء وهي اني تذكرت مأساة تلك الحبيبة.. الغالية التي تتعذب في كل دقيقة.. تصرخ وتئن في كل ثانية، وبينما أنا في هيجان أحزاني وفجأة شدَّ انتباهي ذلك الشيء الغريب الذي أتى قادما من الخارج واخترق زجاج النافذة بسرعة غريبة ليكسر معه صمت المكان ثم سقط طريحا بين يديّ.. أغمضت عينيّ من شدة الدهشة والخوف اللذين تسللا إلى أعماقي.. لم ألبث إلا وفتحت عينيَّ لأرى ذلك الشيء ما هو؟
إنها حمامة من الحمام الزاجل.. إنها حمامة السلام، كانت بيضاء ولكن للأسف تبللت بالدماء حتى اختفت معالم بياضها، كانت هذه اللحظة التي لامست أناملي أوصالها هي آخر لحظات حياتها، وكأنها أدت الرسالة التي معها لتغادر الحياة.
عندما أبصرت تلك الورقة الصغيرة التي تحملها، نزعتها منها والحزن يطوِّق قلبي بحباله، وقبل ان أقرأ ما فيها أحسست بنبرات الحزن تعلو حروفها.. بدأت عيناي تعانقان سطورها، فإذا هي من الحبيبة التي طالما جفت مدامعنا من البكاء عليها، والتي طالما سهونا من همّ التفكير فيها، والتي طالما تحركت شفاهنا للدعاء لها، والتي طالما.. وطالما..
وإذا فيها هذه الكلمات التي سبقت أحاسيسها حروفها: أنا أكتب إليكم من داخل قضبان السجن.. نعم السجن.. وأي سجن؟.. لن أطيل بتسطير العبارات، فالكلمات لن تصور ما بداخلي مهما بلغت لأنها تظل كلمات تتناقلها مئات الشفاه لتخرج باهتة فاقدة لحرارتها وبريقها، ان معاناتي وسجني أصبحا تسلية العصر، تتعدى قصيدة ينظمها شاعركم.. وتتجاوز مقالاً يسجله كاتبكم، بل أصبحا مجرد أنشودة يتغنى بها أطفالكم، أو حروفٍ ترددونها بمشاعر باردة بين الحين والآخر.
كم كرهت الكلمات والحروف لأنها لا تجدي ولا تداوي جروحا عميقة تلوثت بواطنها، وما كان ظني بكم هكذا يا أبناء العروبة، إنكم لم تضعوا أيديكم على الجرح لتضمدوه خوفا من أن ألطخكم بدمائي، ولكنكم أخذتم دور المتفرج الذي يرى وينقد الأحداث بالقول فقط ولا يستطيع تغيير الواقع المرير.
بعد هذا كله هل عرفتم من هي تلك الحبيبة؟؟.. إنها أسيرة الأحزان (فلسطين) التي تناديكم.
عبير علي الحربي
وسادتي..
وفي جنح الظلام وتحت نور القمر..
أمكست بزمام قلمي..
كي أنثر همومي وكل آلامي بعد رحيلها..
لكن كلماتي ذابت وتبعثرت..
ورفضت أن تساعدني كي أنثرها.. عبر أسطر ورقتي!
عندها التجأت إلى وسادتي..
وقلت لها ساعديني..
لقد رحلت..
منذ أن عرفتها..
انقلب كياني رأساً على عقب!!
وانطبعت صورتها كالوشم في ذاكرتي..
وسألتني من تكون؟
فقلت إنها زينة الدنيا..
وزينة الخيال، وزينة الألم..
تتعثر كلماتي..
حين أراها وحين لا أراها..
وأظل تائهاً..
ماذا سأكتب لها من أحرف.. وكلمات..
عبر ورقتي البيضاء؟
اشتقت لها
منصور عبدالعزيز القدير
|