ان المتابع لعصرنا الحاضر يجد الحديث عن المرأة المسلمة هو الشغل الشاغل للكثير من المثقفين من خلال ما يكتب في الكتب وعبر وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعات وفضائيات الذين يطرحون أفكاراً متأثرة بالفكر الغربي الذي حاول ان يربط بين المرأة في العصور الجاهلية وبين المرأة في العصر الإسلامي ولم يكلف نفسه ان يقرأ التاريخ الإسلامي ليجد المكانة العظيمة والحقوق التي تتمتع بها التي كفل لها كل شيء لتفيد وتعطي في هذه الحياة فيأتي في مقدمة ذلك العلم وضرورة التسلح به في قول الرسول صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وكلمة مسلم الواردة في الحديث تشمل الرجل المرأة على حد سواء وفي ظل هذا التوجيه النبوي تفاعل نساء الصحابة مع طلب العلم في قولهن للرسول صلى الله عليه وسلم (غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك) فوعدهن يوماً يفقهن فيه، كذلك يروي البلاذري في كتابه فتوح البلدان عند مجيء الإسلام كان هناك خمس من نساء العرب يقرأن ويكتبن منهن الشفاء بنت عبد الله العدوية التي كانت تعلم حفصة رضي الله عنها واستمرت في تعليمها بناء على طلب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بعد زواجه منها كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء) ويقصد بذلك زوجته عائشة رضي الله عنها.
أخي القارئ الكريم لقد أدركت معي ان الإسلام حقيقة هو الذي اهتم بتعليم المرأة وان الذين ينادون بتحجيم تعليمها هم مناقضون لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك المدارس الفقهية الحديثة يوجد بينها تباين حول عمل المرأة وهي اجتهادات قد ينطبق عليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من اجتهد وأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد ولكن الذي يجب التركيز عليه ان نرتفع في حديثنا عن المرأة عن الأشياء الفرعية ولا نجعلها شماعة تكون المرأة ضحيتها وقد تستغل من دعاة تحرير المرأة لمصلحتها وهو جعل المرأة المسلمة تسير في فلكها علماً بانه مع مرور الوقت أثبتت الأيام ان المرأة تتجه بشكل تلقائي إلى الأعمال التي تناسب فطرتها البشرية وفي دراسة قام بها كل من موارد ووليامسون (1969م) وذلك على مجموعة من الفتيات والفتيان من جنسيات مختلفة من ألمانيا وأمريكا وشيلي وبولندا وتركيا وتراوحت أعمال المفحوصين 1-19 سنة وطلب الباحثان من المفحوصين تحديد أهدافهم ومقاصدهم المهنية بعد التخرج فكانت النتيجة غير المتوقعة وهي أن الفتيات يملن إلى أهداف مهنية ثانوية بعكس الفتيان الذي يميلون لأهداف مهنية أساسية وفسر صاحب الدراسة النتائج بانها تشير إلى ان الفتيات متأثرات بالوضع التقليدي الذي يعتبر المنزل والحياة الأسرية هي الوظيفة الأصلية للمرأة وينظر إلى عملها خارج المنزل على انه بديل لبعض الوقت وفي النهاية خرج الباحثان بالقول بما يعرف بتحرير المرأة لا يعني سوى مجرد إضافة لعمل آخر تمارسه المرأة بعض الوقت إلى جانب عبئها الأسري أو المنزلي الذي يستنفد معظم وقتها كذلك الدراسة التي قام بها الدكتور صالح العساف (المرأة الخليجية والعمل في مجال التربية والتعليم) ومن أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة هي ان المرأة تتجه للأعمال التي تناسب طبيعتها وتكوينها الأنثوي وان مجالات التربية والتعليم من أقوى المجالات بل هو أقواها في جذبه للمرأة الخليجية العاملة كذلك ان مجالات التربية والتعليم من أكثر مجالات عمل المرأة محافظة على قوة جذبه للمرأة العاملة رغم مرور الزمن وتغير الأحوال وتعدد الفرص الوظيفية في دول الخليج العربي.
|