العنوان أعلاه ليس من صياغتي، بل هو عنوان لكتيب صغير في حجمه كبير في فحواه وهو من تأليف الدكتور سلمان العودة، و(الكتاب يقرأ من عنوانه) كما يقال، حيث تمحور حول ظاهرة الانشغال بالجزئيات على حساب الكليات وانعدام التوازن جراء التركيز على فقه العبادات وتجاهل فقه المعاملات، هذا وقد استعرض المؤلف جزاه الله خيراً العديد من الأمثلة الدالة على شيوع وترسخ مثل هذه الظاهرة الخطيرة, وقد أنتقيت بعضاً مما أورده من الأمثلة المتناثرة في مناطق عدة من كتابه ومن ضمنها:
1 - تأكيد أهمية قضية جزئية عن طريق ربطها بالأصل مما يجعلها تبدو وكأنها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالعقيدة.. وفي هذا المنحى يقول الشيخ نصاً: (قد نتكلف ربطها بالعقيدة لنؤكِّد للناس أن هذه قضية مهمة) (ص 18).
2 - الاستغراق والإغراق في تفاصيل قضايا ليست لها وجود ملموس في الواقع الاجتماعي المعيش كقضايا الرق وأحكامه وحدود عورة الأمة وما شابه ذلك.
3 - تسخير وسائل غير جائزة شرعاً لغرض دفع أو تغيير ما ليس هو مشروع من السلوكيات، حيث كما يقول الشيخ سلمان.. (يلجأ بعض الناس إلى استخدام وسائل غير مشروعة هي من التكلُّف الذي لم يأذن الله به ولا رسوله) (ص 42).
ختاماً أعتقد أن من ضمن أهم ما استعرضه الشيخ سلمان في كتيبه المذكور قضية التركيز أو الانشغال بقضايا فرضية - خيالية احتمال تبلورها وتجسدها بعيد جداً.. وانبثاقاً من حقيقة أنه كما يقع الخلل في الفكر فهو يقع أيضاً في الخيال الفكري فهذه الفرضية هي صلب موضوع مقالة شدو القادمة إن شاء الله.
* تنويه: الحلقة الثانية من هذا المقال نُشرت يوم الثلاثاء الماضي قبل هذه الحلقة بطريق الخطأ، لهذا لزم التنويه.
|
