إن التهاب الزائدة الدودية مسألة طفيفة مبدئياً، فقد بلغت الجراحة غاية من الاتقان تجعل عملية الاستئصال عملية (عادية) قلما ترافقها مفاجآت، ولكن التهاون لدى الأعراض الأولى قد ينتهي بصاحب الزائدة الملتهبة الى أمراض خطيرة ولا سيما أمراض الكبد أو خاصة التهاب غشاوة الأمعاء.
فلا ريب أن هذا الجزء (الزائد) في طرف المصران الغليظ لم يزل موضوع جدال بين الأطباء، فإنهم لم يعرفوا وظيفته معرفة اليقين، وإنما الوقائع تشهد بأنه ينبغي استئصاله متى التهب التهاباً خطيراً، وقال عدة أطباء بأن الزائدة لم تزل تقتل وتميت بواسطة غشاوة الأمعاء، فلا بد من الذكر ان هذه الغشاوة إذا التهبت وانثقبت فقلما ينجو صاحبها من الموت رغم توفر الأدوية الحديثة.
أعراض التهاب الزائدة
أشهر أعراض التهاب الزائدة، ظهور الألم في الجهة اليمنى من البطن، ولا ريب انه ألم موضوعي إلا أن الإحساس قد ينتشر في عدة مواضع من البطن بحيث يعسر التشخيص أحياناً.
إلا أن التهاب الزائدة يقترن خاصة لدى الأطفال، بالحمى والغثيان، فضلا عن الألم الشبيه بغزات الإبرة، وتقلص عضلات البطن.
ومن أخطار الزائدة ان أعراض التهابها تكون عامة طفيفة، وحتى إذا لج الألم بصاحب الزائدة الملتهبة فربما نسب ذلك إلى المغص أو إلى التلبك المعوي فأقبل على المسهلات والمسكنات من غير مشاورة الطبيب.
ومن الأخطار أيضا أن التمييز بين (نوبة الزائدة) و(نوبة الكبد) قد يكون عسيراً، فلا يندر ان ترتفع الزائدة جهة الكبد وتنحرف عن موضوعها الطبيعي فيظن المتألم ان عذابه صادر عن الكبد، لا سيما في عصر أصبح فيه الناس منقسمين الى فئتين، كما قال فكاهي: فئة الذين يشكون كبدهم، ثم سائر الناس.
وأضف هذه العوامل المضللة لدى الأطفال: فإن الطفل قد يصاب في آن واحد، بداء الحصبة والحمى القرمزية والتهاب الزائدة الدودية أيضا، وكذلك لدى المرأة الحامل قد يعسر التمييز بين ألم الزائدة وسائر آلام البطن من جراء الحمل، وفي كل هذه الأحوال لا غنى عن مشاورة الطبيب على جناح السرعة.
وإنما لا يصح الإفراط والتطرف الى الجهة المعاكسة، فكما قالت العرب في أمثالها :(لا بد من التوقي، ولكنه من التوقي ترك الإفراط في التوقي) فحتى الآونة الأخيرة كان الكثيرون يطلبون استئصال الزائدة اما من جانب التطرف واما من جانب التوقي.
فحتى وان لم تثبت علميا وظيفة الزائدة في البدن، إلا أن معظم الأطباء يرجحون هذه النظرية: الزائدة أشبه شيء بالفاصم الكهربائي الذي يحترق ويقطع التيار لصيانة المصابيح الكهربائية والآلات المنزلية... الخ.
وسواء كانت النظرية صحيحة أم مجرد احتمال فلماذا يبادر الإنسان الى استئصال جزء من أجزاء بدنه، ما دام هذا الجزء سليما؟ وإلا كان ينبغي قطع اليد خوفا من إصابتها بالتعجر ونتوء العقد في الكف، ثم اقتلاع الأسنان خوفاً من النخر، أو استئصال الأنف خوفاً من الزكام.
|