في خضم الأحداث الجارية على أرض العراق الشقيق تحركت شجوني وأحببت أن أفرج عمّا يختلجني بكلمات تناثرت فوق طيات الورق لتسجل لوعة استيائي بعبارات تلف تجاويف الروح بخيوط غير مرئية.
لقد تفجرت مشاعري حزناً وأسى ولوعة لما حدث في عراق المجد والإباء!!!
فانصهرت نفسي في بوتقة الآلام.. ودارت بخواطري أفكار مخيفة وقاسمتني النبض هواجس مرعبة.. لقد اختطفت سكينة الأبرياء في أتون الظلام وأحيلوا إلى أشلاء متناثرة على الطرقات وفوق الأرصفة..
أطفال أبرياء اغتيلت براءتهم.. وأمهات فقدن فلذات أكبادهن وقفوا في ذهول.. أطفال وشباب فقدوا أباءهم وأمهاتهم فأصبحوا بين عشية وضحاها في أعداد الأيتام..
إنها والله لفاجعة.. جثث مزقتها هذه الانفجارات فلم تراع حرمة مسلم أو حق شيخ كبير أو امرأة مسنة أو طفل صغير.
أهٍ ثم أهٍ أيها العراق الشقيق صحيفتك المشرقة والنورانية ها هي اليوم تلطخ بدماء الأبرياء وتمزق بأيد حاقدة حاسدة لم تراع فيك إلّاً ولا ذمة..
أيها العراق!! ها أنت تسقط وتغتال بأيدي ثلة قلوبهم مريضة وعقولهم ضعيفة وأبصارهم عليها غشاوة..
أواه يا بغداد جرحك لازال ينزف دماً وألماً ودماء أبنائك تجري في كل مكان لقد تكالبت على أبنائك الهموم والأحزان فأضحى الكثير بلا مأوى وبات الأكثر جياعاً لايجدون ما يسد رمقهم وأصبح الأطفال يبحثون عن آباء قد اندفعوا في بحار المجهول خائضين غمار الخطر.. لقد دافعوا عن وطنهم لأنهم يعلمون أنَّ الحياة ليست باقية بل هي ظل زائل وسعادة تفنى ونعيم ذابل..
إن مذاق الموت واحد ولا خير في حياة رهينة للذل والهوان. فلا بدّ أن يقف رجال العراق صفاً واحداً لإعادة كرامتها المندثرة وعزها الزائل بعد أن تحطم قوامها وفقدت كرامتها وكأنما أصيبت بالعين.. وصدق من قال:
من ذا أصابك يا بغداد بالعين
ألم تكوني زماناً قرة العين
ألم يكن فيك أهل كان مسكنهم
وكان قربهم زيناً من الزين
أيها العراق!! لنا أمل كبير في أبنائك هؤلاء الذين يرفضون هذا العدوان ويشجبون هذا النكران ويحاولون جاهدين إشعال قناديل الضياء لتزداد سناً وتوهجاً...
ومع أنني لازلت بين مدّ وجزر وبين مكابرة وانهيار وبين أمل ويأس إلاّ أن عراق الإباء وبغداد العطاء ستظل بكبريائها وشموخها لوجود رجالها الذين قارعوا عمالقة الرجال والذين يبذلون أرواحهم في سبيلها.. حقاً إنهم جنود بواسل لايهابون الموت ويتسابقون لنيل الشهادة..
إذن يبقى هؤلاء الرجال كالنجوم اللامعة وسط زحمة الظلام الحالك يبقون كالسيوف الصقيلة والتي تأبى أن تغمد .. يبقون أعلاماً ترفرف مع ما يخاطبهم من آلام تبدد ذاتهم إلا أنهم أقوياء بإيمانهم يلملمون شتات نفوسهم الضائعة لإعادة مجد العراق وعز بغداد..
وأخيراً: أتمنى أن تحقن دماء إخواننا في العراق ويستعاد مجدهم المسلوب وترفرف راية الأمن من جديد في سمائهم..
أتمنى أن نرى الفرحة ترتسم على وجوه الأطفال والصغار والكبار.. لتعم الفرحة عراقنا المجيد وتبحر مراكب النصر من جديد لتعود العراق حرة أبية وهذا أمل كل مسلم في بقاع المعمورة يؤمن بحرية الشعوب وحقها في تقرير مصيرها...
|