التاريخ 29-12-1424هـ اليوم الجمعة، حيث كان العام الهجري يحتضر وما هي إلا ساعات ويلفظ أنفاسه الأخيرة، أبى إلا أن يرحل بالدموع والأسى وأبى إلا أن يترك ذكرى مؤلمة. فقد فجعت الأوساط التعليمية وفجعت الأجيال برحيل مربيتها الفاضلة ورمز من رموز التعليم في المملكة الأستاذة القديرة عبيدة كمال الأيوبي- رحمها الله - ياله من خبر ترك فيَّ ما ترك وأخذ مني ما أخذ، تمنيت يا سيدتي الراحلة عندما هممت بالكتابة لو ملكت من الفصاحة والبلاغة ما يمكنني من الوفاء بحقك وأقسم بالله أنني لن أوفي خصالك الحميدة وتاريخك المشرق مهما بلغت شأناً وارتفعت قدراً.
وكيف تكفي السطور رحلة كفاح بدأت في ريعان الشباب وعمر الزهور وذلك في عام 1378هـ عندما عينت أول مديرة لمدرسة نظامية بالمملكة وهي مدرسة أمهات المؤمنين بالمدينة المنورة، ثم كلفت بإدارة أول مدرسة حكومية هناك وذلك في عام 1380هـ وهو العام الذي تأسست فيه الرئاسة العامة لتعليم البنات وتولت إدارة ثلاث مدارس دفعة واحدة كإنجاز غير مسبوق ثم كانت رحلة مشرفة أخرى تقلدت - يرحمها الله - عدة مناصب كان من أهمها: رئاسة التفتيش النسوي بجدة، وإدارة التوجيه التربوي بالمنطقة الوسطى، ثم مديرة للتوجيه المركزي بمكاتبه الأربعة بالرياض إلى أن توج مجهود العمر بأعلى منصب تقلدته وهو مديرة شعبة التعليم العام بالمملكة لمدة ست سنوات حتى أحيلت على التقاعد في عام 1416هـ بعد مشوار حافل بالعطاء والبذل.
إنسانة باقية ما بقي الإخلاص والوفاء والفضيلة، جمعتني بها روابط كانت أقوى من روابط الدم والرحم ، ويكفيني فخراً أن والدتي كانت إحدى طالباتها واحتلت مقام الابنة في قلبها ويكفيني شرفاً ما شملتني به من حب ورعاية وسأذكر ما حييت كلماتها التي لا تزال تتردد في داخلي كالصدى.
فأين أنا من رضاها عليّ ودعائها لي؟
اللهم أجعلني وأحبابها أجمعين من الصابرين على قضائك وعوضنا عنها بالأجر والثواب وأجبر مصابنا الأليم وأجعل كل ما قامت به من عمل في ميزان حسناتها وأسكنها الفردوس الأعلى.
رحم الله الفقيدة بعدد كل حرف تعلمته الأجيال
(إِنَّا لِلَّهِ وِإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونْ).
| 
