من القضايا التي تثار بكثرة في الآونة الأخيرة وفي الإعلام الغربي تحديداً هي قضية (حقوق الإنسان) و(حقوق المرأة) وارتفاع الأصوات التي تنادي بمساواة المرأة بالرجل داخل إطار منظومة (حقوق الإنسان), ونحن لا نستغرب عدم إدراك المجتمع الغربي لحقيقة مكانة المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي وما تتمتع به من حقوق, كما لا نستغرب جهلهم الكبير بالمجتمع الإسلامي وثقافته الحقيقية.
إنما نستغرب كثيراً صدور أصوات مماثلة في بعض الفضائيات العربية من بعض العرب والمسلمين.. فهل هو الجهل أم التجاهل؟!
فإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز- حفظه الله - عن إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في يوم الثلاثاء 18 محرم 1425هـ الموافق 9 مارس 2004م تقوم بمهامها منذ تاريخ الإعلان عنها, تضم 41 عضوا من بينهم 10 نساء يشغلن منصب (عضو المجلس التنفيذي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية), وكما اعلن فالجمعية ستتعاون مع الأمم المتحدة, ومنظمة المؤتمر الإسلامي, وكافة الهيئات الدولية العاملة في إطار حقوق الإنسان, بما يتفق مع الشريعة الإسلامية, وبما لا يتعارض مع ثقافة وعادات مجتمعنا ويتضمن هذا النظام (20) مادة أساسية, وتتفرع كل منها إلى عدة بنود, إن هذه الخطوة لا تفاجىء أحداً.
أولاً: لإدراكنا بمدى الجدية والاهتمام بشؤون المرأة في المملكة العربية السعودية.
ثانياًُ: إلمامنا الكبير بمرجعية حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية, من الناحية الشرعية والقانونية.
إن المرأة المسلمة, وخاصة في المملكة العربية السعودية لها قدسيتها ومكانتها الرفيعة وتخضع لضوابط شرعية لا تمس بكرامتها أو بحقوقها أو تثير فتناً في المجتمع... فهي تنعم بكامل الحقوق الشرعية التي أقرها الشرع والدين الإسلامي.. وتحظى دائماً بدعم وتشجيع كافة المسؤولين وبالاطلاع على الوضع القانوني, ومرجعية حقوق المرأة, في المملكة العربية السعودية, فيمكن القول: إن هناك أسسا وقواعد معينة تشكل في مجملها المرجعية الشرعية والقانونية لحقوق المرأة السعودية أولها وأهمها النصوص الشرعية في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة, التي تحض على المساواة وعدم التمييز. أما على المستوى النظامي أو التنظيمي فقد تضمن النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27-8-1412هـ عدداً من النصوص التي تكفل حقوق الإنسان بصفة عامة, ومنها أهمها الحق في المساواة وهو ما يصدق على حقوق المرأة بصفة إجمالية, التي نصت عليها المادة (8) من هذا النظام بقولها (يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية) والمادة (26) من النظام ذاته تنص على أن (تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية) إذ تؤكد هاتان المادتان ضرورة حماية حقوق الإنسان في المملكة وإقرار مبدأ المساواة بين جميع المواطنين لا فرق في ذلك بين رجل أو أمرأة.
وفي إطار هذا المبدأ نصت مواد أخرى من هذا النظام على كفالة حقوق عديدة للمواطنين كالحق في التعليم والعمل والضمان الاجتماعي في حالات الطوارىء والمرض والعجز والشيخوخة والحق في الصحة وفي الأمن وفي حرية الحياة الخاصة وفي الملكية الخاصة فالمادة (30) من دستور البلاد تنص على (التزام الدولة بتوفير التعليم العام للجميع والالتزام بمكافحة الأمية لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء كما تنص المادة (31) من الدستور على (تقرير الحق في الصحة العامة لكل المواطنين بقولها (تعنى الدولة بالصحة العامة وتوفير الرعاية الصحية لكل مواطن).
أما على المستوى الدولي فقد التزمت السعودية بحماية حقوق الإنسان في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية حيث وقعت على (الميثاق العالمي لحقوق الإنسان) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر عام 1948م الذي أقر مبدأ المساواة وعدم التمييز بين الناس بسبب اللون أو الجنس, ثم وقعت المملكة وصادقت على اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال (التمييز ضد المرأة) التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 34-180 وتاريخ 18 ديسمبر 1989 م بنيويورك.
وانضمام المملكة إلى هذه الاتفاقية وتوقيعها على هذه الاتفاقية في مجال حقوق المرأة بالرغم من كفالة هذه الحقوق في الإسلام منذ أكثر من 14 قرنا من الزمان, وعلى نحو ما يفوق ما قررته الأنظمة والمواثيق الوضعية يعد تأكيدا على التزام المملكة الكامل بالأحكام والقواعد الدولية التي ارتضتها وأقرتها الجماعة الدولية ولا سيما أنها من أوائل الدول التي شاركت في تأسيس هيئة الأمم المتحدة حيث شارك ممثلها من بين ممثلي خمسين دولة في وضع ميثاقها في مؤتمر مدينة سان فرانسيسكو في الفترة من 2 - 26 يونيو 1945م ووقعته في هذا التاريخ وهي تشارك مشاركة فاعلة في أمال هذه المنظمة الدولية, ومن المتوقع أن ترتفع مشاركة المرأة السعودية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل وذلك مع الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والثوابت التي يقوم عليها هذا المجتمع في هذا البلد العظيم.
والمرأة السعودية اقتحمت الكثير من الهيئات والمؤسسات والقطاعات الحكومية في الدولة وتم تأثيث العديد من الوظائف وبفضل ما تحظى به من دعم وتشجيع ومع إتاحة كافة الفرص والإمكانيات حققت نجاحات مبهرة تعدت حدود الوطن وإن أردنا أن نعدد ذلك فنحن نحتاج إلى موسوعة ضخمة لتضم كافة الأسماء والإنجازات للمرأة السعودية, لكن أكتفى بطرح بعض النماذج على سبيل المثال لا الحصر.
الدكتورة ثريا عبيد, وكيل الأمين العام للأمم المتحدة (كوفي أنان) والمدير التنفيذي لصندوق السكان بالأمم المتحدة, والدكتورة حياة سندي, ملحقة لتطوير العلوم بمجلس العموم البريطاني, والدكتورة حنان الأحمدي عضوية الجمعية الوطنية الفخرية في مجال الصحة العالمية من جامع (بيش بيرج) وحاصلة على جائزة سفير خادم الحرمين الشريفين بواشنطن, والدكتورة منى الصواف, ممثلة المملكة في اتحاد الأطباء النفسيين العرب ومنيرة العصيمي ممثلة المملكة في الاجتماعات الرسمية الخاصة بالتمريض خليجيا ودولياً, والدكتورة سميرة إسلام درجة بروفيسور في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وحاصلة على جائزة اليونسكو في البحث العلمي على مستوى القارات لعام 2000م, والدكتورة إلهام صالح أبو الجدايل, حاصلة على براءة اختراع من اسكتلندا لشفاء مرض سرطان الدم وعضو في المجلس الطبي التنفيذي في مستشفى الملك فيصل التخصصي, والدكتورة سلوى الهزاع رئيسة الجمعية السعودية لطب العيون ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون ورئيسة اللجنة التنظيمية لمؤتمر طب العيون السعودي, والدكتورة مشاعل بنت محمد آل سعود أستاذ مساعد بمعهد علوم الفضاء والاستشعار التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية واستاذ مساعد بقسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة الملك سعود لها العديد من الابحاث وشاركت في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية, والمرأة السعودية اليوم تشارك في الحوار الوطني الذي ينعقد بشكل دوري بتواجدها الشخصي ومن خلال أوراق العمل والبحوث كما تشارك في التوصيات التي يخرج بها المؤتمر, كما تدعى نخبة من المثقفات لحضور بعض جلسات مجلس الشورى من وقت لآخر عندما يتم مناقشة قضايا تهم المرأة وتتعلق بها للإدلاء برأيها والمشاركة في الحوار.. كما تشارك سيدات الأعمال السعوديات في المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي يعقد بجدة كل عام والذي يشارك فيه أشهر الشخصيات السياسية والاقتصادية في العالم لتفعيل دور المرأة السعودية اقتصادياً.
كما تم إنشاء مجالس نسائية في الغرف التجارية تضم لجاناً ومجالس نسائية مستقلة مائة بالمائة في إطار يحفظ للمرأة كرامتها وخصوصيتها. كما لعبت المرأة السعودية ولا سيما المثقفة دوراً هاماً وإيجابياً في تصحيح الصور الخاطئة والمغلوطة عن المملكة والتي تتناقلها وسائل الاعلام الغربية بشكل مكثف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر, فقامت العديد من الوفود النسائية بجولات في الغرب, وعقدن ندوات ومؤتمرات, في لندن, وروما, وبروكسل, كما حضرن منتدى دافوس, واجتمعن بزوجة الرئيس الأمريكي, مما كان له أكبر الأثر في إخماد الأصوات المهاجمة لوضع المرأة السعودية في المملكة.
وكما حصلت المرأة السعودية على حقوق متساوية مع الرجل في مجال التعليم حصلت على مساواة تامة مع الرجل في الأجر والراتب كما حصلت على كل مميزات التقاعد التي يتمتع بها الرجل وهي اليوم تحظى بكامل الفرص لتقوم بدور فعال في الأنشطة الاقتصادية, فبناء على التقارير والإحصاءات الرسمية التي أصدرتها الندوة التي نظمها مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية (حول مساهمة المرأة في الأنشطة الاقتصادية) في شهر مايو 1999م يتضح أن مساهمة المرأة السعودية في الناتج المحلي لا يتجاوز 3% وعدد السعوديات العاملات في القطاع الحكومي يبلغ نحو 138.533 موظفة وهذا مؤشر على وجود مشاركة لها في المجال الاقتصادي حتى وإن كانت مازالت دون المستوى المطلوب ودون طموحاتها الكبيرة التي لابد لها أن تتحقق قريبا إن شاء الله, مع الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والثوابت التي يقوم عليها المجتمع في هذا البلد العظيم.
إن من أهم الإيجابيات لهذه الجمعية بناء على ما تم الاطلاع عليه هو:
- وجود 4 لجان لتلقي البلاغات وتقديم الاستشارات والتوعية للفرد وللأسرة.
- الالتزام بسرية الشكاوى والتظلمات. والعقوبة لإفشاء الأسرار.
- التأكيد على تنفيذ المملكة لكافة التزاماتها تجاه قضايا حقوق الإنسان.
- تفعيل وتسريع الإنجازات, لوجود آليات للعمل, والتي بفضلها سيتم القضاء أولاً بأول على أي عقبات تواجه المواطن أو المرأة بصفة خاصة.
ص.ب 4584 جدة 21421 - فاكس جدة 026066701
|