* غزة - بقلم عادل الزعنون - ا ف ب:
بعد أن علم الفلسطينيون في مخيم جباليا أن منفذي العملية الفدائية المزدوجة في اشدود جنوب إسرائيل من سكان المخيم وبلدة بيت لاهيا المجاورة حتى بدؤوا يتوافدون إلى منزلي ذويهما لتقديم العزاء والمواساة، فيما تجمع عشرات المسلحين وهم يطلقون النار في الهواء متوعدين بمزيد من العمليات (الاستشهادية).وبينما كانت الكهرباء مقطوعة عن جزء كبير من مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في شمال قطاع غزة وقف إبراهيم يتكئ على باب منزله وبدأ الحزن الشديد عليه، واصفاً ابنه نبيل مسعود (بالمجتهد والودود).
ويقول الرجل وهو عامل أن آخر مرة رأى ابنه فيها كانت مساء السبت حينما استأذنه للذهاب إلى المسجد المجاور للمنزل لصلاة المغرب ومن ثم الذهاب مع رفاقه للدراسة (وهو تعوَّد في الأيام الأخيرة المبيت أحياناً عند أصدقائه خارج البيت للدراسة معهم ولا سيما أنه في الصف التوجيهي القسم الأدبي).ونفذ مسعود بالاشتراك مع محمد سالم وكلاهما في الـ 18 من العمر وفي المرحلة الدراسية نفسها عملية فدائية مزدوجة في مرفأ اشدود جنوب إسرائيل أدت إلى مقتل عشرة إسرائيليين فضلاً عن استشهاد الشابين مسعود ومحمد.. وفي بيان مشترك تبنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس وكتائب شهداء الأقصى المنبثقة عن حركة فتح مسؤولية العملية.
وعلمت عائلة مسعود كغيرها من سكان المخيم بنبأ تنفيذ ابنهم العملية من الإذاعات والتلفزيون. وقال إبراهيم إنه (سمع فقط من الأخبار أن ابنه منفذ العملية رحمه الله).
ومسعود وهو من أعضاء كتائب شهداء الأقصى هو ابن عم تيتو مسعود أحد قادة كتائب القسام الجناح العسكري لحماس الذي استشهد في غارة إسرائيلية استهدفت السيارة التي كان يستقلها في غزة خلال الانتفاضة الحالية.ومع انتشار الخبر توافد العشرات من الجيران والسكان إلى المنزل لتقديم (العزاء والمواساة) فيما توزع عشرات الملثمين والمسلحين في المكان وأطلق بعضهم النار في الهواء.وتوعَّد متحدث عبر مكبر للصوت من على سيارة طافت في المخيم أن كتائب الأقصى وكتائب القسام (ستنفذان المزيد من العمليات الاستشهادية).
ورأى زهير سالم (46 عاماً) وهو موظف في التربية والتعليم بغزة أن ما دفع ابنه محمود للقيام بهذه العملية هو (ما يراه من مشاهد القتل والدمار والعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين على شاشات التلفزيون)، مضيفاً أنه (كان يثور ويغضب حينما تحدث مجزرة إسرائيلية).
ولم يبد سالم وهو أب لولدين وأربع بنات مكترثاً إزاء رد الفعل الإسرائيلي (المتوقَّع) في مثل هذه الحالات بهدم المنزل الواقع وسط بلدة بيت لاهيا شمال القطاع والمكون من أربع طبقات ومحاط بحديقة صغيرة رافعاً يديه إلى السماء طالباً العون من المولى عز وجل.
وأكد أن ابنه كان يتمنى (الشهادة)، حيث كرر ذلك عدة مرات، عدا عن أنه كان (يزيِّن غرفته بصور الشهداء)..وكان محمود يؤدي صلواته في المسجد كما يروي والده الذي كان يحاول أن يخفي حزنه وسط الدموع.ووصفه أحد الجيران ب(الشاب الوديع الهادئ)، بينما قال والده إنه (حنون ومتفوّق).
وانشغل عدد من عناصر حماس في طلاء الجدران في البلدة وكتابة شعارات تمجِّد (بطولات الاستشهاديين)، فيما ارتفع صوت الأناشيد الحماسية (الثورية) من جهاز تسجيل وضع في بيت العزاء الذي أقيم (للشهيد) بجانب المنزل.ووقف عدد من المسلحين متاهبين على مداخل البلدة الصغيرة تحسباً لعملية عسكرية قد تنفذها القوات الإسرائيلية.
|