* بغداد - د. حميد عبد الله:
ألهب الدستور الشارع العراقي كما لم يلهبه حدث من قبل فالشيعة انشقوا على أنفسهم وتحولت الجوامع والحسينيات إلى منابر يهجو فيها كل طرف الطرف الآخر فيما السنة يتفرجون على الشرخ الذي أحدثه الدستور بين الشيعة والأكراد أما وزير خارجية مجلس الحكم هوشيار زيباري فقد تراجع عن تصريحاته الرافضة ل( دكتاتورية الأغلبية) وقدم اعتذارا رسميا للشيعة عما صدر عنه من أقوال.
الأعضاء الشيعة الذين تحفظوا على الدستور ووقعوا عليه مرغمين بدؤوا بتحريك الشارع الشيعي ضد الدستور حيث تعطل الدوام في جامعتي بغداد والمستنصرية بسبب تظاهرات نظمها عدد كبير من الطلبة الشيعة في الجامعتين مرددين هتافات ضد أمريكا وإسرائيل والدستور مما جعل الأساتذة يتجنبون الدخول إلى قاعات الدرس تحسبا لأي احتكاك مع الطلبة الغاضبين.
من جانب آخر أبلغ عدد من أئمة الحسينيات جماهير الشيعة بأن السيد السيستاني غير راض عن الدستور وأنه لا يمانع من أي عمل يقوم به الشيعة ضد القوات الأمريكية وهي دعوة مبطنة لإعلان الحرب الشيعية على القوات الأمريكية كما نقل أئمة الحسينيات عن السيد السيستاني عدم مباركته للدستور وعدم إعطائه الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم أية موافقة للتوقيع على الدستور الأمر الذي فسره الكثيرون بأنه إعلان براءة من قبل أكبر واهم المراجع الشيعية من الدستور ومن الذين صادقوا عليه وبصموا على صدوره.
على صعيد متصل اعترف رئيس مجلس الحكم الانتقالي محمد بحر العلوم بوجود دور للمخابرات الأمريكية في كتابة الدستور لكنه قال إن دور أل سي آي أيه لا يتعدى الاستشارة فيما أكد أعضاء آخرون في المجلس أن معظم فقرات الدستور جاءت من خارج العراق ومكتوبة باللغة الإنكليزية.
أما مجلس شورى أهل السنة وعلى لسان محمد الراشد أحد مؤسسي المجلس فقد ألقى باللائمة على الدول العربية والإسلامية والقوى العلمانية في العالم لتهاونها في فضح الأهداف الأمريكية من وراء صياغة دستور يحمل بين ثناياه بذور الحرب الأهلية.
الفصائل الشيعية غير الممثلة في مجلس الحكم انتقدت من على منابرها عبد العزيز الحكيم وإبراهيم الجعفري ومحمد بحر العلوم الذين وقعوا على الدستور ثم حركوا أنصارهم للتظاهر ضده وإدانته وهذا ما جاء على لسان مقتدى الصدر الذي غمز من قناة السيستاني واصفا إياه ب(الصامت على الباطل) أما محمد تقي المدرسي فقد وصف الدستور بأنه قنبلة تنذر بانفجار سياسي وشيك الأمر الذي دفع الموقعين على الدستور أن يدافعوا عن موقفهم بالقول إنهم كانوا مخيرين بين ترك الساحة السياسية أو التوقيع على دستور معوق فاختاروا التوقيع مجبرين وهذا ما قاله بالضبط عبد العزيز الحكيم أكثر الأعضاء الشيعة فاعلية وتأثيرا في مجلس الحكم.
|