* القاهرة - مكتب الجزيرة- طه محمد:
أكد مؤتمر الإصلاح الوطني العربي الذي عقد بمكتبة الإسكندرية على ضرورة صنع رؤية إصلاحية عربية موحدة سياسيا واجتماعيا وثقافيا وتعليميا تغطي كافة أشكال الحياة الإنسانية العربيةورغم فرض السرية على جلسات المؤتمر إلا أن الأوراق المقدمة كشفت عن قضايا عدة أبرزها الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
فعن أوضاع المرأة العربية عرضت الدكتورة هتون أجواد الفاسي في جامعة الملك سعود بالرياض رؤية حول أوضاع المرأة العربية خاصة السعودية مشيرة إلى أنه قد ظهرت في السنوات الأخيرة انفراجة في شأن المرأة السعودية وتوسيع مشاركتها في القيادة التعليمية والإعداد وغير ذلك. وألمحت إلى الحاجة الملحة لأن يتبنى صاحب القرار السياسي مشروع الإصلاح ويدعمه بالقوانين التي تضمن تطبيقه على أرض الواقع وفتح الأماكن المغلقة أمام المرأة من خلال الشريعة الإسلامية وليس مفروضا من جهات أخرى، وطالبت بتشكيل مجلس أعلى للمرأة فى العالم العربى يتولى تفعيل القرارات الخاصة بالمرأة ومتابعتها عربيا مع استمرار دعم القرار السياسي وحمايته للتطبيقات المطلوبة. وأكدت الدكتورة رفيعة عبيد غباش - رئيسة جامعة الخليج العربي في ورقتها - رفضها التدخل في التعليم العربي الإسلامي بمناهج تعليمية مفروضة من غير العرب، كما أكدت أن الوحدة القومية العربية تشكل قوة ردع تقف في وجه الاستعمار الجديد الذي لم يكتف بنهب الثروات وإنما لجأ إلى تفكيك البنى الاقتصادية والسياسية والتربوية والثقافية لضمان استمرارية عمليات الهيمنة والسلب. وأضافت أن التدخل الأمريكي والغربي الذي يطالب بإصلاح النظم التربوية العربية والإسلامية ليس معزولا عن بقية الحلقات التي تشكل جوهر السياسة الأمريكية والغربية والذين يسعون إلى محاصرة الشعوب الإسلامية والعربية وإعاقة مؤسساتها عن القيام بدورها في عملية التنشئة الاجتماعية. وفي الورقة التي قدمها المفكر الدكتور محيي الدين اللاذقاني حول المواطنة والدولة والوعي السياسي للنظام السياسي العربي وإشكاليات المجتمع المدني طالب بتوسيع دائرة عمل المجتمع المدني في السياسة وتوسيع اهتماماتها، والمشاركة في وضع القرار السياسي باعتبارها شريكا أساسيا في المجتمع. وأكد ضرورة البدء في ذلك لوجود عدو خارجي يهدد وجودهم، مشيرا إلى الكيان الصهيوني الذي يسعى إلى التخلص من كل ما هو عربي. وأوضح أن قوة الدول العربية تركزت ضد مواطنيها وليس ضد عدوها الخارجي، وضاقت المشاركة السياسية وهو الأمر الذي أدى إلى ترهل القوى العربية وبالتالي تبعيتها. ووجه اللاذقاني انتقادات لاذعة خلال ورقته لجميع القيادات السياسية في الوطن العربي خاصة التيار الإسلامي والقومي واليسار، وأن الساحة العربية السياسية لم تفسح أي هامش للتعبير أو التحرك للقوى السياسية التي تملك رؤية مختلفة عن برنامج النخبة الحاكمة وتعاملت معها بعنف.
وأشار إلى أن المواطن العربي معتقل الإرادة ومعطل ومهمش وأن مفهوم المواطنة مازال غامضا عند الكثيرين. وكشفت الورقة المقدمة من الدكتورة منى مكرم عبيد من مصر، أن النظم الاجتماعية وفلسفة الحكم السائدة في الأقطار العربية تغلب عليها عموما سمة الفردية في اتخاذ القرارات العليا في رسم السياسة العامة للدولة. وأوضحت في ورقتها المعنونة ب (إصلاح التعليم شرط ضروري لصحوة عربية جديدة) أن ما سبق ذكره أدى إلى سمات مشتركة وخصائص بارزة للأنظمة التعليمية في الأقطار العربية. وتركزت في فقدان التوازن في محتوى التعليم وأنواعه وعدم مواكبة كثير من مناهج التعليم لتطورات العصر وتقنياته وتخلفها عن مجاراة التطورات التي يشهدها الحقل التعليمي على الصعيد الدولي، وضعف مستوى عدد كبير من المعلمين وعدم توافر البيئة الدراسية في العديد من الأقطار العربية اللازمة لإنجاح العملية التربوية وتفشي الأمية في البلدان العربية. وطالبت بتبني فلسفة تربوية عربية مبنية على أسس اجتماعية ونفسية تتحدد في ضوئها الأهداف التربوية للمدرسة العربية، وتطوير المناهج الدراسية وتنقيح الكتب المقررة لتتلاءم مع متطلبات المجتمع على المستوى القطري والقومي وإنشاء مراكز قومية تهتم بالبحوث والتخطيط وتقديم الدعم المالي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتقوية برامجها في تزويد البلاد العربية بالخبراء. وقدم الدكتور كمال الصفيري من معهد المتوسط للاقتصاد الاجتماعي في تونس ورقة حول التدرج في الإصلاح الاجتماعي وتأثيره في ترسيخ مؤسسات المجتمع المدني والسلوك الديمقراطي المسؤول ركز فيها على أهمية المساواة في التعامل بين الجنسين باعتباره أحد الركائز الأساسية للتنمية والنهوض والإصلاح. وعبر عن اسفه لوجود نسبة عالية من الأمية بين النساء في الوطن العربي ومعاناتهن في بعض الأحيان من عدم حصولهن على حقوقهن القانونية أو المساواة في المواطنة، والحرمان من ممارسة حقهن في التصويت أو الانتخاب في بعض الدول العربية. ودعا إلى البدء في اتخاذ التدابير اللازمة قبل أن تأتي المبادرة من الخارج وهو ما لا يقبله أي عربي خاصة أن الدين الإسلامي يساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.
|