صدمتني فقرة من مقال للأستاذ محمد صلاح الدين في زاويته العتيدة (الفلك يدور) بجريدة المدينة الغراء.. والذي نشر يوم الخميس 2-1-1425 بعنوان (أقوال تستحق التأمل)!
هي فقرة من المقال جاءت في صيغة خبر تقول: (تدرُّ زراعةُ المخدرات في المغرب حوالي 12 بليون دولار كل عام يذهب منها (214) مليون دولار فقط للمزارعين وتجني الباقي شبكات التهريب الأوروبية.. المخدرات تزرع في شمال (المغرب) يعمل فيها (97) ألف مزارع يعولون حوالي (800) ألف شخص)..؟!
وأسند الكاتب هذا الخبر إلى (تقرير مكتب المخدرات والجريمة التابع لهيئة الأمم المتحدة).
وهذا الخبر الذي أفزعني وأفجعني ولعله بالنسبة لأكثر العرب والمسلمين كذلك، خبر لاتكاد تصدقه البصائر الإسلامية.. حتى وان صدقته الأبصار..!
ذلك أن بلداً عربياً مسلماً يشترك مع دول العالم كافة في محاربة المخدرات ومكافحة أضرارها القاتلة لايمكن تصور حدوث هذه (الازدواجية) في نظامه بين ما يدعيه من محاربة هذا الداء الوبيل.. وبين زراعته في بلاده..! فهو كالذي يأمر بالمعروف ولايأتيه.. وينهى عن المنكر ويأتيه..!
بل وأشر من ذلك أن يعيش على هذا الدخل المحرّم حوالي 800 ألف مسلم من سكان ذلك البلد العربي المسلم..!
فإن صح الخبر فإنها والله لمأساة لهذا الكم الهائل من أَكَلَةِ شجرة (الزقوم) وهم مسلمون.. يعرفون بالضرورة من الدين الإسلامي الحلال من الحرام.. وكل مسلم في العالم يعرف أن الخمر حرام بنص القرآن والسنة.. ولخطورتها على شاربها سماها الشرع الإسلامي (أم الخبائث).. وذلك لما يترتب على تناولها من أضرار بالغة على صحة العقل، والذهن ،والفكر، مدة بقائها في جسمه.. كماهي مضرة كثيراً بالصحة الجسمية والنفسية والمالية والاجتماعية..الخ. ولاريب أن (المخدرات) التي أصبحت (طاعوناً) عالمياً في هذا العصر أشد ضرراً وفتكاً بالحياة الإنسانية من (الخمر) على ما في الخمر من مفاسد وآثار سيئة ذكرها القرآن الكريم في سياق تحريمها القطعي.. بعد التحريم التدرجي.. وجاءت الآيتان (90-91) من سورة المائدة لتضع حدّاً ونهايةً لمن كان يتشكك في التحريم بداية.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}؟
عند ذلك قال الفاروق رضي الله عنه انتهينا.. انتهينا.
فإذا كانت الخمر.. رجس من عمل الشيطان ، وهي توقع العداوة، والبغضاء.. وتصد عن ذكر الله، وتصد عن الصلاة.. فما بالكم بالآثار التدميرية الرهيبة للمخدرات على حياة الفرد، والمجتمع، والدولة..؟!
إنه لأمر محزن حقاً أن ترى دولة عربية إسلامية تزرع الشر والبوار والفساد في بيئتها بطوعها واختيارها.. وتعيّشُ قسماً من شعبها على ما تغله هذه الأرض من مخدرات لا أجد لها محملاً سوى قولة أبي نواس..(وداوني بالتي كانت هي الداء)!!
اللهم إن كان هذا الخبر الذي نقلته عن الزميل الأستاذ محمد صلاح الدين.. وهو أيضاً نقله عن تقرير لمنظمة تابعة للأمم المتحدة ..خبراً غير صحيح وهو ما يسعدنا ويفرحنا.. فأحمّل الدولة التي عناها الخبر على دحضه وتكذيبه.. ليفرح بذلك اخوان ذلك البلد في العروبة والإسلام!
2- عباس غزاوي..النموذج الحي..!
نشرت إحدى الصحف المحلية منذ أيام قليلة عن موقف ،إنساني، رجولي، وطني.. وقفة الأستاذ الفاضل عباس فائق غزاوي.. من إحدى الفضائيات العربية التي دخل معها في شراكة استثمارية وكعضو في مجلس إدارتها..
وحين تكشفت له حقائق هذه الفضائية الموبوءة بخدمة من يحارب المملكة العربية السعودية.. حيث ظهر ذلك في ندوات ومناقشات تحاملت على قيم المجتمع والدولة السعودية وحكومتها بما لايليق ولا يتصف بالصدق والحيادية والبحث عن الحق والصدق.. عند ذلك قدم الأستاذ عباس الغزاوي استقالته من هذه الفضائية وتخلّى عن الارتباط بها مادياً وأدبياً بكل إباء وشمم!
فلله در النفوس الرفيعة.. والعقول الوطنية الحصيفة.. التي تأبى أن تتنكر لقيمها، ومبادئها، ووطنيتها الصادقة..!
ولاشك أن هذا الموقف (الفائق) للغزاوي ليس كثيراً ولا مستغرباً في رجل خدم وطنه إعلامياً ودبلوماسياً زمناً طويلاً.. فهو يستحق على هذا الموقف النبيل الإشادة والثناء عليه.
عرفت الأستاذ عباس فائق غزاوي أولاً.. كاتب قصة من أجود كتابها في المملكة ثم عرفته لما انتدب لافتتاح إذاعة الرياض.. وطلب مني التعاون معه في إمداد الإذاعة ببعض البرامج الثقافية.. اليومية، والأسبوعية.
وكان المسؤول عنها يومذاك الأستاذ محمد بن عبد الرحمن الشعلان المذيع المتميز- رحمه الله- والأستاذ زهير الأيوبي. فتجاوبت معه بكل ترحاب. وبخاصة أن الإذاعة وليدة جديدة فلابد من الإسهام في تأسيسها -أدبياً- من كل مقتدر بكل طاقته وقد أسهمت في برنامج (حديث الشفق) بـ(150) حلقة.. وبمئات من الأحاديث الثقافية والاجتماعية.. والمقابلات الإذاعية أسأل الله أن تكون نافعة لديني ووطني.
وتحية أخوية صادقة لسعادة الأستاذ الكريم عباس فائق الغزاوي.
|