أؤمن بمبدأ مازال يحول بيني وبين الكتابة المستمرة، أو حتى كلما كان لهذه الكتابة داع. وأذكر أنني ألمحت بشيء من هذا قبل هذه المرة. ذلك انني أعتقد بأن ممارسة الكتابة من أصعب تلك الأمور التي يؤمن ببساطتها. ولا أفسر هذا القول من جانبي بالضعف الانشائي أو النضوب الفكري. لأن الكتابة العادية لا تحتاج إلى وقفات من التأمل أو التفكير المستمر فيما سيكون بعد نشر الاثر أو المقالة. ان الامر يبدو في غاية الوضوح عندما نفكر جديا ونطيل التفكير ثم نطيل التفكير في ماهية الكتابة، او نوعيتها!! أحياناً يكون منشأ الفكرة أبسط بكثير من الاحاطة بجوانبها وطريقة عرضها وبالتالي الادراك لنوعية هذه الفكرة والأبعاد التي ربما تصبح روافد جديدة لفكرة أو أفكار جديدة.
وفي أحيان أخرى يكون التعبير بلا فكرة!! وتلك هي آفة الكتابة.. والوسط بينهما أن تتعادل الفكرة مع التعبير أو العرض فيكون الوضوح وتتضح الرؤية الفكرية وتلك تقرب من السهل الممتنع في جانب معين.
اني أؤمن بصعوبة الكتابة.. لأني لا أؤمن بمقالة لا تؤثر في قارئها بشكل مفيد.. ولست بهذا أعني انني أكتب هذا النوع من المقالات وانما هو ما يحول بيني وبين الكتابة، وليس من حقي أن أنشر غسيل أفكاري على حبل مشاعر الآخرين واذا لم يكن فيما أكتبه فائدة فما الداعي لأن اكتب. ليس الامر عندي ببساطة الانشاء عن فكرة معادة وأعرف انني لست ذلك الكاتب الذي يقول عن نفسه مثل هذا القول.
ولهذا اعترفت بصعوبة الكتابة. لعلي أود أن أنتج ماهو أفضل.. أو ربما تكون مقدرتي أقل من الآخرين.
ولكن الامر على أي حال لا يعني النضوب الفكري أو العجز الانشائي عن فكرة معادة. أو كتابة لا تفيد.
لا شيء يحتفظ بأصالته ويندثر على الاطلاق. ولا شيء يموت قبل أوانه والزهر يحلم بالربيع وفي الربيع ما يذبل الزهر.
والشيء الذي تعترف بعدم امتيازه هو كذلك. ولقد اعترفت ان كتابي محاولة ونقاط لأفكار أعيشها وأؤمن بها وقد تتبلور في مخيلتي فيما بعد وقد يساعدني الحظ بعدئذ لاخراجها بصورة أفضل، ولم أكن أتوقع على الاطلاق أن يكون له بعض هذا الصدى. ومع ذلك فقد كتب عنه ما يشجعني على الاستمرار، هذا الكتاب الذي اعترف ببساطته، وهو كذلك كتب عنه الخفاجي ومحمد حسن عواد وعبدالله الماجد وعلى جميل مقلان وزيد العباد وأحمد السعد كتابات لها وزنها النقدي والادبي وآخرون ألمحوا في ثنايا كتاباتهم مشكورين كالعمري والسديري والحميدين وراشد الفهد وغيرهم بيد أن الذي دعاني لكتابة هذه السطور ما كتبه الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي ولست في جدل يسمح لي بأن أقول كلمة عن هذا الدكتور الذي أجله وأقدره وأعجب بأدبه ونشاطه المثمر في سبيل الدين وشرف الكلمة.
وانما أود أن أقول شيئاً له بعض الاهمية الخاصة عندي.
في نهاية حديث الدكور الخفاجي ورد الآتي: (ومع ذلك ومع ما يكون في الكتاب من أخطاء فسوف يبقى شعلة مضيئة على الرغم مما قيل عنه من أن السكوت عليه جريمة أدبية، ومن أن نشره أمر مخجل إلى حد كبير ومن أنه غزو سخيف في التأليف والنشر إلى غير ذلك من النعوت التي وصف بها الكتاب) انتهى ما يهمني نقله.
أقف هنا لحظة لأوضح ما أود ايضاحه. هذه النعوت أطلقها شخص واحد هو الزميل راشد الفهد الراشد، ليس على هذا الكتاب وحده فحسب وانما على كتب أخرى للتويجري والهزاع والاستاذ زيد بن فياض. وهذه النعوت وربما ظن قارىء السطور الاخيرة للدكتور الخفاجي ان أشخاصاً عدة أطلقوا هذه النعوت على هذه الكتب ومنها هذا الكتاب، ولهذا وجب أن أبين ذلك والخصومة الادبية بيني وبين الزميل راشد قديمة وأيضاً هو كذلك مع التويجري والفياض وفي الكتاب نفسه ما يوضح طرفاً منها.
ولا أود أن أناقش الاخ راشد لأني لا أؤمن بالرأي الفردي الذي تناقضه عشرات الآراء. ولا أهتم برأي يأتي من مثل الأخ راشد فهو كاتب تحقيقات صحفية وليس بناقد.
ومع شكري الجزيل للدكتور الخفاجي على استعراضه لهذا الكتاب بطريقة شيقة وفذة.
أهمس بأني لا أحب الغموض في افنان كما ذكر ذلك وانما قلت ان بعض الاعمال الفنية تبقى رغم غموضها فيما تندثر بعض الاعمال الاخرى رغم التصاق صاحبها بالجماهير وانما يكون ارتباطها بوجوده فقط.
أما الدكاترة فانني لم أطالبهم بالكتابة، وانما قلت ان النقاش الذي دار بين بعض الزملاء عن الدكاترة ولماذا لا يكتبون انتهى دون تقرير فكرة معينة.
قلت لدينا من المشكلات الاجتماعية والأسرية ماهو أهم بكثير من لماذا تتوقف الكتابة الناشئة عندما تتزوج أو لماذا لا يكون الدكاترة كتاباً.
ومرة أخرى أبدي اعجابي بهذا الاديب الانسان الذي أوقف قلمه على خدمة العقيدة وشرف الكلمة كما أبدي شكري وامتناني للذين ساهموا بنقدهم القيم لهذا الكتاب الذي لا يخرج عن كونه بداية أولى.
|