شعرت بالسعادة الغامرة عندما شاهدت محلا في لندن كتب عليه: (كل شيء بجنيه). لم تتح لي الفرصة ان أدخل فيه وأرى بضائعه. ولكني على ثقة أنها نفس بضائع أبوريال وأبو عشرة المنتشرة في الرياض. محل واحد فقط في حي فقير (شفردز بوش). ربما كان هناك محلات كثيرة في داخل لندن أو بريطانيا. هذا مؤشر إيجابي بالنسبة لي. كنت أظن البضائع الرديئة من نصيب أسواقنا فقط.
وضعت في بيتي قانوناً صارما بدأ مع الأسف يتفكك وهو ألا يدخل بيتي بضاعة رديئة. تجنب حاجتك للشيء إذا لم تستطع أن تشتري هذا الشيء على أصوله. فالحرب التي أعلنتها في بيتي حرب اقتصادية ونفسية. من الناحية الاقتصادية عندما تشتري الرديء فأنت في الواقع قررت أن تشتري نفس الشيء مرتين. مرة بسعر رخيص ومرة بالسعر الأصلي لأنك سوف تشتريها في المرة الأولى وترميها في الزبالة وتعود وتشتري الأصلي. ومن الناحية النفسية هي حرب لمقاومة روح الدنفسة. عندي أحساس أن الإنسان قيمته فيما يحسن وفيما يقتني. عندما تدخل بيتا من البيوت تقيّم أصحابه بمجموعة عوامل من بينها مقتنيات البيت, طبعا مع احترامك للمستوى المادي للعائلة. فالشيء السيئ هو أن ترى في بيت من البيوت (كنبا مقلدا) أو (زولية مقلدة) أو لوحة فجة. بعض الناس يشتري تلك الأشياء ولسان حاله يقول: يارجال وش يدري الناس أن هذي مقلدة؟. لا يريد أن يعرف أن هناك مقاييس داخلية خلقها الله مع الإنسان تكشف بالسليقة الأشياء الأصلية والأشياء المزيفة والمقلدة. والمشكلة الثانية أن هذا الإنسان ينسى نفسه. ينسى حالة الإثراء التي يحتاج إليها. يعتقد أن الجمال والديكور في البيت هو لإبهار الناس أو لخداعهم. لا يعرف أنه هو في حاجة إلى هذه الأشياء في بيته لمتعته ومتعة عائلته. وأن مقتنيات البيت هي جزء من جوهر وجود أصحاب البيت. بضائع أبوريال هي طعنة في صميم القيمة الذاتية للإنسان. لا يمكن ان نرد انتشارها إلى الفقر والحاجة فهذه البضائع أصبحت موجودة في بيوت الطبقات المتوسطة والغنية أحيانا، في ظني هي ثقافة جديدة تتعاطى مع الأشياء من باب التخلص السريع من الممتلكات. الرغبة في سرعة الاستبدال كما أنها- وهذا أهم - ناشئة من تصاعد روح الدنفسة عند الناس. فالإنسان في هذا العالم لم يعد يولي النبل قيمة. في الماضي كان الإنسان يسعى للحصول على شيء ثمين. زولية فارسية فاخرة راديو، قيم لوحة نادرة. ولكن عالم اليوم المستعجل أفقد الأشياء قيمتها الزمنية. زال جمال التقادم في الأشياء. وردت إلى العالم بضائع تتغير باستمرار وتتلاشى قيمتها بالتقادم. لابد في الحالة هذه أن تكون رخيصة. فانتقل الرخص من قيمة للأشياء إلى قيمة وثقافة عند الناس. فصار الناس مثلا يشربون في كاسات الجبن بدلا من أن يكون هناك كاسات تتصف ولو بقليل من الجمال والخصوصية العائلية. وصارت الناس تجلس على (كراسي بلاستيك) بدلا من المقاعد الخشبية التي تشعرك بعلاقتك بالطبيعة. صارت الناس تأكل في مطاعم الأكل السريع بدلا من الذهاب للمطاعم الحالمة والأنيقة. صارت الناس تبلط أرضيات بيوتها ب (السيراميك) وتتجنب الرخام الثري.
فمحلات أبوريالين ليست إلا تعبيراًَ مختصراً لحالة الرخص العامة التي يعيشها البشر هذه الأيام.
فاكس 4702164
|