يوم الثلاثاء الماضي انتقلت إلى سماء ربها روح شاب رياضي من صفوة شباب هذا البلد.. اختطفتها يد المنون بعد عام ونصف من المرض.. وعواصف الأشواق للعودة إلى ساحة الشرف التي وهب نفسه لها كما يجب أن يهب نفسه أي شاب طبع بطابع الإخلاص والوفاء.
يومها اسودت سماء الرياضة حدادا على وفاة عمر حامد.. وحزنا على انتقاله.. ووحشة من فراق.. بعد أيام كلها ابتسامات.. وألفة ومحبة.. في محيط أصدقائه وعارفيه.
ولم يكن عمر حامد سوى ابن بار من أبناء هذا البلد، ابن خلوق، أعطى للرياضة زهرة شبابه.. كأعز وأغلى ما يمكن أن يفتدى به شاب حقل عاشه وعاناه.
عرفت عمر حامد وهو يلعب للنجمة.. وتعرفت عليه وهو يدفع بالشباب نحو البطولة.. فرش لها ساقه.. وافترش لنفسه دموعه..
زرته في ليلة من ليالي الألم.. فوجدته على فراشه في إصرار الرياضي، حماسته، وفاؤه، وتصميمه.. وجدته رغم الجراح مصراً على اللعب ضد الأهلي ليكسب الشباب الكأس. اسمعني في تلك الليلة كلمات.. وأعطاني وعودا.. وأسمعته بدوري كلمات لا تعدو كونها صالحة لمثل ذلك المقام بما له وما عليه.. دون أن أقطع له وعدا.
قال لي:
(انقل على لساني أنني مصمم بعون الله على اللعب ضد الأهلي.. طمئن جماهير الشباب).
هذه الكلمات تستيقظ الآن من سباتها في وجداني فتعصر قلبي.. وتدفع بالدموع خارجا عبر المآقي.
قال لي تلك الكلمات في حدة.. وفي حماس الرياضي الحق.. الذي وهب للرياضة شبابه.. كان لسانه يزمجر بها.. وقلبه يزخر بقطرات الثناء.. بحماس أكثر.. للزائر الكبير.. الذي كان أول من زاره في المستشفى قبل جميع الزوار ووعده بعلاجه في النمسا على نفقته.. وأوفى بوعده.. إنها الرياضة.. هكذا كانت عند عمر حامد.. رحمه الله.. حب ووفاء في غير تواطؤ.. وإصرار وتصميم على الكسب في غير إجحاف.. ولقد كان رحمه الله أحسن ممثل بين شباب هذا البلد.. لهذا المفهوم.
وكما كان هكذا، فلم يكن عمر حامد ملكا لنادي الشباب، وجماهير الشباب، بقدر ما كان لجميع الأندية.. ولجميع الجماهير.. في جميع مناطق المملكة. ولذلك فإن ذكر هذا الشباب عزيزة على نفوس الشباب، وهي ذكرة جديرة منا بالاحتفال.. وجديرة منا بالتخليد.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
الاستعداد لدورة الخليج
بلغت، الآن الاستعدادات لدورة الخليج منتصف الطريق السهل نحو الذروة، ولم يعد سوى النصف الصعب لاعتلائها.. وهي كما نرى استعدادات من قبل وبصورة مستمرة. في حين أن الدول المشتركة الأخرى تعتبر منتخباتها قائمة بصفة دائمة من وقت بعيد.. بحيث لا يتعدى التشكيل عندها حدود اختيار وتعيين العناصر المستجدة والتي برزت بمستويات مشرفة تؤهلها للاشتراك، وإخراج عناصر أخرى عن القائمة استهلكتها الملاعب.
ومن المعلوم كذلك، أن الفرق المشتركة في دورة الخليج القادمة، فرق قوية بحيث يلزمنا لمواجهتها أكثر من مجرد استعداد، وعلى الأخص فريقا الكويت ودبي.. وهذا الأخير لا يمثل خطورة حسب، وإنما يهدد الترتيب في احتلال المراكز، وسوف يكون له تأثير مما سوف يحول معه الأنظار، ويشتت النظرات ويوزعها، ويلغي بذلك تقديرات كانت سائدة من قبل حول مركز القوة الحقيقي، والممثل لها رياضيات على مستوى الخليج دوله وإماراته..
ونحن بذلك لا ننكر وجود قوى منافسة أخرى وهي قطر والبحرين وأبو ظبي، إلا أن إقرارنا بوجودها لا يجيز لنا حق وضعها في كفة مرجحة مع القوتين اللتين سبق ذكرهما. وفي دورة الخليج السابقة لم يكن لها حضور فعلي وفعال، إلا بفعل ظروف ساعدته على بروزها ومن ذلك مثلا الحالة النفسية التي كان عليها الفريق السعودي بعد مواجهته الأولى مع الفريق الكويتي الذي كان بالفعل مجهزا تجهيزا كاملا لمواجهة أقوى الفرق المشتركة وهو الفريق السعودي.. وذلك مما ساعد الفريق الكويتي على التسلق السهل نحو البطولة، خاصة وأن النظام لم ينص على وجوب إجراء جولة أخرى مما قد يتيح لبعض الفرق تعويض الخسارة الناتجة إما عن إفراط، وإما عن تفريط.
***
بعد هذا الاستعراض البسيط علينا أن نعود إلى المنتخب السعودي والعقبات التي تقف أمام عناصر نجاح تشكيله وهي بالفعل عقبات معوقة وليس التغلب عليها بالبساطة التي يعتقدها البسطاء، وهذه العقبات لو نظرنا لها بالنسبة للمنتخبات الأخرى لما عثرنا لها على وجود اطلاقا. ومكمن هذه العقبة في المسافات الشاسعة التي تفصل مناطق ومدن المملكة عن بعضها، وصعوبة تحضير الفريق وتواجده في مدينة واحدة إبان المواسم الرياضية وهي التي لا تترك لنا من الوقت سوى ما نقضيه في شهر الصيام والحج وفترات الامتحانات..
وهذا التباعد بين مدن المملكة يواجه المسؤولين بصعوبة تجميع اللاعبين وحصرهم على معسكر واحد. ولو نظرنا إلى أوضاع الأندية وامكان تنازل كل ناد عن لاعبيه المشتركين في المنتخب لوجدنا غير ما يشجعنا على ذلك.. رغم أن نصيب الأندية يمكن أن يكون متوازيا.. إلى جانب ذلك أن اللاعبين ليسوا من المحترفين.. إذ منهم الموظف والطالب.. وهذه واجبات في مجملها عند الهواة تفوق في أهميتها لعبة كرة القدم التي تأتي في عداد الهوايات.
ومن هنا تولد مشكلة التدريب التي هي قوام التشكيل وأساسه.. ومن هنا تضيع من أمامنا فرص يمكن استغلالها لصالح المنتخب فيما لو زارنا فريق ضيف نثق من الاستفادة.. وامكانات الاحتكاك به.
وأمام هذه العقبات فإنني لست أدري ماذا بالضبط سيفعل المسؤولون بعد مباريات المنتخبات في جدة والدوري يقرع الأبواب ولم يعد بيننا وبين موعده سوى شهر واحد؟
***
أعتقد بعد الآن أن ما سبق ذكره يعطي للفرق المشتركة في دورة الخليج ميزة للتفوق لا توفر لدينا.. وعلينا بأي حال من الأحوال توفيرها لمنتخبنا حتى تكون لدى أفراده فرص الانسجام الأكثر، قبل أن نباغتهم في تشكيل ونرمي بهم في مجال التنافس على حساب أعصابهم والسمعة التي نتمتع بها.. ووجوب البحث عن حل للمشاكل التي ذكرنا أصبح فرضا يوجبه علينا اشتراكنا في هذه الدورة الشبابية التي من خلالها ترتفع الرؤوس.
فاروق بن زيمة |