* كتب - نبيل العبودي:
لم يكن تأهل قطبي جدة والمتنافسين التقليديين الاتحاد (العميد) والأهلي (القلعة) إلى نهائي كأس سمو ولي العهد وليد الصدفة أو الحظ وإنما جاء تأهلهما عن جدارة واستحقاق.
فهما وعلى مدى موسم كامل ولا يزالان يعملان بجد واجتهاد وإتقان من أجل المنافسة والظفر بالبطولات عملاً دؤوباً وبجهود مضنية من أجل إسعاد أنصارهما ومن أجل أن يحصدا ثمار هذا الجهد وهذا العمل.
تنافس كبير وتنافس شريف جمعهما بنجومهما الكبار وأدائهما الكروي الراقي البعيد كل البعد عن الإزعاج والفوضوية والاجتهادات الشخصية والقرارات الارتجالية تفرغ الناديان للعطاء والعطاء من أجل الشعار ومن أجل تحقيق هدفهم الذي رسموه.
والهدف الذي من أجله كانت الجهود متكاتفة عمل الجميع بلا تردد وبلا توقف.. وبلا تكاسل أو تخاذل أو هوادة.. أو الاعتماد على النتائج الأخرى نتائج الآخرين.
لعبوا من أجل الفوز ولعبوا من أجل هدفهم الذي استطاعا أن يحققاه بكل جدارة واستحقاق.
حرثا الميدان والمستطيل الأخضر طولاً وعرضاً هزا شباك خصومهما واشعلا قناديل الفرح ورددا أهازيج الفوز والانتصار تقودهم جماهيرهما التي أسرها وأسعدتها تلك العروض الرائعة من نجوم القلعة والعميد لم يتوقف هذان الجوادان اللذان انطلقا يسابقان الريح إلا بوصولهما إلى منصة التتويج وبقيا في انتظار من يحسم الموقعة الأهم والموقعة الأقوى والموقعة الذهبية ولمن سيكون الذهب الذي استحقاه معاً بذلك الأداء المتجدد والمتقن. ولكن لأنه لا بد من فارس وحيد كان لزاماً أن ننتظر الموقعة الحاسمة ولمن ستكون النهاية السعيدة هل هي خضراء أهلاوية بلون عشب أرض المنافسة أم صفراء اتحادية تترجم ترسانة النجوم التي يملكها فريق الأحلام.
لقد وصل الأهلي والاتحاد إلى النهاية التي استحقاها بسبب عمل علمي مدروس لكلا الإدارتين وبسبب وجود رئيسين مثاليين هما منصور البلوي للاتحاد وأيمن فاضل للأهلي الرجلان اللذان استطاعا أن يبقيا فريقيهما في الواجهة العميد بنجوم شابة وقلعة الكؤوس بحماس وعطاء متجدد.
هذان الفريقان اللذان استطاعا خلال المواسم الأخيرة أن يبقيا في المنافسة وأن يكونا الطرف الأبرز والأكثر في المواجهات الذهبية والختامية وإن خانهما الزمان ولم يجمعهما معاً إلا انهما بقيا وظلا الأكثر وجوداً في مواسمنا القليلة منافسين وبقوة في النهائيات الأهم.
تشابه كبير جمع قطبي الغربية هذا الموسم، فبالاضافة إلى وصولهما إلى نهائي كأس سمو ولي العهد وتنافسهما الكبير على جلب اللاعبين الأفضل والمحترفين الأجانب الأبرز استطاعا أن يصلا بسبب مدرستهما الكروية البرازيلية إلى النهائي ليعيدا ذكريات الكرة البرازيلية وإيجاد مدربين كانت لهم صولاتهم وجولاتهم في الملاعب السعودية منذ أمد بعيد.
كندينو المدرب البرازيلي المعروف وصاحب الاسم الأشهر في ملاعبنا جدد ذكرياته مع منصات التتويج، فبعد أن سبق أن قاد الهلال إليها في مواسم مضت ها هو يعيد نفسه ويصنع لنفسه مجداً جديداً وهو يقود كوكبة النجوم وترسانة المواهب الاتحادية إلى منصات التتويج وإن كانت مشاركات الفريق الأصفر متعددة داخلية وخارجية دون أن يخسر في أي لقاء على مدى ثلاثين منازلة كروية خاضها ليؤكد أنه المدرب الأبرز هذا الموسم.. ليضم البرازيلي الآخر صاحب الخبرة الكبير (البرازيلي العجوز) فلادمير نفسه إلى ابن جلدته ويقود فريقه إلى النهائي مؤكداً حسن اختياره كبديل لسابقه الذي اخفق وأخفق فكان البديل الناجح الذي استطاع ان يصل بالفرقة الخضراء إلى المباراة النهائية ويغيِّر من حال الفريق بعد أن كاد ان يصيبه (الذبول) لينتشله من كبوته ويعيده إلى مكانه الطبيعي بين الكبار، بل استطاع أن يتخطى ذلك حتى أعلن تفوقه على الجميع ودخل منافساً وبكل قوة على حصد الذهب.
عمل تنافسي كبير تخطى به أبناء العميد والقلعة كل معاني المثالية ليترجماها واقعاً على أرض المنافسة ويؤكدا أن التنافس الحقيقي والشريف يصل إلى قمته عندما يكون في كل شيء عطاء على أرض الملعب وعمل إداري نموذجي.. ومدرسة تدريبية تعمل بكل جد لتتضافر الجهود ويخرج عمل تنافسي كروي ناجح يعطي ثماره في النهاية.. النهاية التي وصلا إليها بسبب تلك الأعمال والجهود المتضافرة.. الكل يد واحدة من أجل الوصول إلى الهدف.
لقد كان لهذين الفريقين الذهبيين نجوم كان لها الأثر الكبير في وصولهما إلى منصة التتويج والوصول إلى النهاية الذهبية التي يرجوها كل منهما.
فلو نظرنا إلى الفرقة الصفراء الاتحادية الرائعة نجد أن هناك أسماء تستطيع أن تقود الفريق في أي منازلة يخوضها وأن تضعه في المقدمة بسبب الجهود والمستويات الكبيرة التي تقدِّمها لعل أبرز تلك الأسماء هما الثنائي الرائع خميس العويران ومحمد نور اللذان جعلا من وسط الميدان ساحة واسعة لرسم أفضل اللوحات الفنية.. وخلفهما ثنائي الدفاع حمد المنتشري ورضا تكر صماما الأمان للفريق والجدار أو الحائط الذي يصعب على أي هجوم اختراقه مهما كانت قوته.
وخلف هؤلاء حامي العرين الاتحادي وحامي عرين الأخضر الحارس الشاب والأمين مبروك زايد الذي جعل الحراسة الاتحادية أكثر اطمئناناً بوجوده.
ومع هؤلاء النجوم استطاع البرازيلي الرائع شيكو أن يثبت حسن الاختيار فوضع نفسه واحداً من أبرز نجوم الدوري السعودي من المحترفين الأجانب.
هذه الكوكبة وغيرها جعلت من الفرقة الاتحادية قوة ضاربة يصعب لأي فريق هزيمته.
وعلى الجانب الآخر نجد أن الفرقة الخضراء هي الأخرى لا تقل قوة من حيث العناصر الموجودة بالفريق فهجوم القلعة يقوده البرازيلي كيم الذي جعل من نفسه واحداً من أبرز الأجانب في الفترة الأخيرة وبجانبه النجم الدولي طلال المشعل العائد لهز الشباك ثنائي خطر خلفهما وسط شاب متحرك يقوده تيسير الجاسم وإبراهيم السويد. ولأن النادي يبحث عن الأفضل وعن بقائه في المنافسة جاء ضم المدافع الخبير الخليوي حتى والمنافس يرفض استمراره معه.
وعندما نذكر الفرقة الخضراء فإننا لا ننسى الظهير حسين عبد الغني العائد إلى مستواه الفني الذي أعاد للأذهان ما قدمه مع الأخضر السعودي في أعوام مضت وشهدت انتصارات كبيرة للكرة السعودية.
وأحسن الأهلاويون صنعاً عندما ضموا إلى تلك النجوم أبرز النجوم بالدوري هذا الموسم صاحب العبد الله نجم فريق الخليج الذي كانت له بصمة واضحة وبخاصة في لقاءي نصف النهائي أمام الهلال.
استحق الأهلي والاتحاد الوصول إلى نهائي كأس سمو ولي العهد عن جدارة عندما جعلا أفعالهما هي التي تتحدث داخل المستطيل الأخضر تاركين لغيرهم الحديث والقول. لقناعتهما بأن العقل وحده يصنع الإنجازات والأفعال وحدها تصنع البطولات. ولأنصار الفريقين نقول هنيئاً لكم الذهب ومن حققه فهو يستحقه ومن فاز باللقب فهو أهل له.. ومن انتزع البطولة فهو يستحقها.
|