نظلم أنفسنا إذا اتخذنا من الألوان القاتمة حكما وصورة، وأهملنا جملة من الألوان البراقة التي تبعث على الأمل والتفاؤل، فالنقلة النوعية في ميدان التربية والتعليم في المملكة جلية لكل راصد منصف.
لكن المطلب والغاية في مسارنا وخططنا تفوق المتحقق، وتلك سمة المجتمعات التي تنشد الامتياز، حيث تجعل مبدأ الشفافية والاستشراف منهجاً.
ثم ان هذه الصور المدونة عن بعض الممارسات الخاطئة في بعض الإدارات التربوية ليست حزمة مترابطة، فقد توجد متفرقة ومتفاوتة في حجمها ومقدارها من إدارة لأخرى، مرجع ذلك طبيعة ذلك المدير ومنهجه في العمل ومستوى وعيه وخبرته وإدراكه لحجم الأخطاء والأضرار.
فما أبرز الممارسات والأخطاء التي يمكن رصدها في ميدان الإدارة التربوية؟
إن أبرز ملاحظة يمكن البدء بها في مجال الممارسات الخاطئة للإدارة التربوية والتعليمية تتمثل في عدم الوقوف على الأهداف المرسومة للأعمال وعدم الاهتمام بها، بدءا بالإدارة التربوية نفسها، فمن البديهي أن لأي جهد ممارس أهدافا رئيسية محددة له، تمثل المخطط العام لمساره وتوجهه، وبها نحكم على مستوى الجودة في إنتاجه، والإدارة التربوية تقع بمنتصف المسافة في تسلسل المؤسسات التربوية المعنية بإشراف وتنفيذ الخطط التربوية والتعليمية، والمهمة الأساسية لها هي الإشراف والمراقبة على تحقيق الجودة في تربية وتعليم الناشئة، وتهيئة كل الإمكانيات التي توصل إلى ذلك الهدف في المواقع الخاضعة لها، وأما ما يساند هذا المطلب من أنشطة وبرامج خارج متطلبات المتعلم المستهدف في العمل التربوي والتعليمي، وتحقيق إمكانات وخدمات موجهة لتحسين مرافق العمل الإداري هي جوانب كمالية تلمع الصورة وتحقق مكاسب أخرى، وتحسن من صورة الإدارة التربوي في مجال المنافسة بين المواقع التربوية في القطاعات الأخرى بالمنطقة.
إن تحقيق الأهداف المأمولة من الإدارة التربوية، هو جهد شاق يتطلب الوعي والخبرة والكفاءة والإخلاص في الأداء من كافة الفريق المعنيّ في الإدارة التربوية بذلك، فالموازنة والدقة في تحقيق الاحتياجات بين المواقع التعليمية - على سبيل المثال- والقدرة على تمرير القرارات والتوجيهات والمطالب من الميدان وفق أسلوب الإقناع، والالتزام بعيداً عن الإملاء والقسر، والتمكن من تحديد الأولويات في تبني البرامج والأنشطة داخل المنهج التكاملي للعملية التعليمية التي تتبناها الإدارة التربوية في مناسباتها العامة، وكذا رسم خريطة احتياج العمل من الكوادر الوظيفية الفنية والإدارية عبر التغذية الذاتية من كوادر المنطقة، بأسلوب يحقق التوازن ويحول دون إحداث النقص والخلل في مواقع أخرى، هو من الأهداف الأساسية التي ينبغي أن تسعى الإدارة التربوية لتحقيقها، وذلك ما تفتقده بعض الإدارات التربوية والتعليمية.
كما أن ضعف الاهتمام بمستجدات العمل الفني والإداري التي تطرأ على ساحة الفكر التربوي والتعليمي والتنظيم الإداري هو نقص مخلّ في نشاط الإدارة التربوية يرجع في أحد أسبابه إلى ضعف التواصل بين صاحب القرار الإداري في المنطقة وبين الكوادر المتخصصة المعنية بذلك، أو لضعف الثقة نتيجة فتور العلاقة بينهما، ولا يقل أسلوب المغالاة غير المحكوم في تبني كل شاردة أو واردة وتوظيفها بأسلوب قسري دون أي ادراك لغاياتها ونتائجها وانعكاساتها على المخرج النهائي للعمل التربوي.
أخيراً، إن التساهل بقيمة الخبرات وتقديرها، وتقييم عطائها وتحديد مواقعها وفق العلاقات الشخصية بينها وبين المسؤول الإداري لا وفق القدرات ومتطلبات العمل والرغبة الجادة في رفع مستوى الإنتاجية - هي نظرة ساذجة تنشأ نتيجة ضعف نظرة المسؤول الإداري، وتلك قضية خطيرة ينتج عنها جملة من الأخطاء التي تؤثر في العمل أبرزها هروب تلك الكوادر من دائرة العمل إلى مواقع أخرى، أو انزوائها عن دائرة العطاء والإبداع.
|