* مدريد - الوكالات:
تقبل إسبانيا اليوم على استحقاقها الانتخابي اليوم الأحد وهي متلفحة بالسواد حزنا على مصرع ما يقارب المائة شخص في مذبحة القطارات الخميس الماضي، وقد عبر ثمانية ملايين متظاهر عن هذا الحزن يوم الجمعة في شوارع مدريد وكبرى المدن الإسبانية.
وأكد شاهد لم تكشف هويته للتلفزيون الإسباني انه رأى ثلاثة شبان وقد اعتمروا قبعات تغطي وجوههم على متن شاحنة صغيرة في ألاكالا دو هيناريس يوم الخميس قبل دقائق من الاعتداءات التي وقعت في مدريد، وقال الشاهد في برنامج تلفزيوني انه فوجئ لدى رؤيتهم معتمرين القبعات علما بأن الطقس لم يكن باردا. ففيما بقي اثنان منهم على مقربة من الشاحنة، توجه الثالث الطويل القامة (1.85 متر) حاملا حقيبة ظهر وحقيبة أخرى نحو محطة ألاكالا دو هيناريس (35 كلم غرب مدريد) التي انطلقت منها القطارات الأربعة التي استهدفتها الاعتداءات.
وبعد الاعتداءات، أبلغ هذا الشاهد الشرطة بوجود هذه الشاحنة المشبوهة التي عثر المحققون في داخلها في وقت لاحق على الصواعق وشريط التسجيل الذي يتضمن آيات قرآنية.
هذا وقد تصدرت أخبار التظاهرات الحاشدة التي جرت الجمعة الصحف الإسبانية الصادرة أمس السبت، وعنونت (لا للإرهاب) و(إسبانيا ضد الإرهاب) و(إسبانيا نزلت إلى الشارع)، لكنها استمرت في طرح التساؤلات حول هوية منفذي اعتداءات يوم الخميس.
وذكرت قيادة الشرطة أن ثمانية ملايين إسباني على الأقل، أي إسباني من كل خمسة، تظاهروا في كبرى المدن، وقد تعذر إحصاء المشاركين في التظاهرات التي سارت في المدن والبلدات الصغيرة.
وقد سار الشبان والأهالي والوزراء والموظفون والنقابيون والشخصيات الأجنبية، جنبا إلى جنب، تحت المظلات المتعددة الألوان، خلف شعار اختارته الحكومة (مع الضحايا، مع الدستور، مع القضاء على الإرهاب).
وتظاهر في مدريد حوالي 2.3 مليون شخص، كما ذكر محافظ المدينة فرانشيسكو خافييه انسواتيغي، وشكلوا موكبا ضخما امتد من شمال المدينة إلى جنوبها وصولا إلى محطة أتوشا حيث دمرت قطارين في وقت واحد قنابل انفجرت وسط المسافرين، في ساعة الذروة صباح الخميس.
وتصدر التظاهرة رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه ماريا اثنار وزعيم المعارضة الاشتراكية لويس رودريغيز زاباتيرو، ورئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي ورئيسا الحكومة الفرنسية جان بيار رافاران والإيطالية سيلفيو برلوسكوني ووزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر.
وللمرة الأولى، شارك أعضاء من العائلة الملكية في تظاهرة، عبر ولي العهد الأمير فيليب وشقيقتيه إيلينا وكريستينا.
وردد متظاهرون الشعار الشهير (الشعب المتحد لا يقهر أبدا)، فيما استقبل آخرون بجفاء رئيس الحكومة مرددين (اخرج)، بينما صفق آخرون.
ووضع كثير من الأشخاص عصابات سوداء على جباههم، ورفع شبان لافتات كتب عليها (لا للقتلة).
وأبرز الشعارات التي ترددت كانت شعارات التضامن (نحن جميعا في هذا القطار) في إشارة إلى القطارات التي استهدفتها الانفجارات، و(إسبانيا المتحدة لا تقهر أبدا).
وفي فيتوريا، عاصمة بلاد الباسك (220 ألف نسمة) سار حوالي 150 ألف شخص وراء وزيري العدل الفرنسي دومينيك بيربن والإسباني جوزيه ماريا ميكافيلا.
وقد نشرت صور للجموع الغفيرة في مدريد في الاعتداءات، في الصفحات الأولى لصحف إي. بي. سي ولا رازون وال بايس وال موندو.
ونشرت ال بايس وال موندو، صورا للتظاهرة قرب محطة أتوشا حيث انفجر أحد قطارات الموت صباح الخميس، وأجمعت الصحف على الإشادة بردود الفعل لكنها لم تتفق على هوية منفذي الاعتداءات.
وكانت صحيفة إي. بي. سي (محافظة) الوحيدة تقريبا التي أكدت أن (الاعتداء الثلاثي يحمل توقيع منظمة إيتا).
أما العناوين الأخرى فلم تكن جازمة كثيرا وتساءلت حول المصلحة المحتملة للحكومة في تفضيل فرضية ضلوع منظمة إيتا قبل ساعات من الانتخابات التشريعية اليوم الأحد.
وكتبت ال بايس: سواء وقفت إيتا أو القاعدة وراء الاعتداءات فإن ذلك لا يؤثر على الإجماع في رفض الإرهاب لكن قد تنجم عنه تأثيرات سياسية وحتى انتخابية مختلفة.
واعتبرت ال موندو أن رئيس الحكومة خوسيه ماريا اثنار يعرف أن ذلك لا يعطي على الصعيد السياسي المردود نفسه سواء كانت مجزرة 11 آذار/ مارس من تنفيذ إيتا أو القاعدة.
ففي الحالة الأولى، سيتعين عليه قول الكثير، أما في الحالة الثانية، فسيتعين عليه الصمت كثيرا.
ومن جانب آخر ذكرت دائرة الصحة في الحكومة الإقليمية بمدريد أن 289 جريحا أصيبوا في اعتداءات يوم الخميس ما زالوا يعالجون حتى مساء الجمعة في المستشفيات.
وأضافت أن 18 منهم في حالة خطرة، و40 مصابون بجروح خطرة جدا، و135 بجروح خطرة و48 بجروح طفيفة، وان الأطباء لم يحددوا خطورة إصابة 48 آخرين.
وقد أسفرت الاعتداءات التي استهدفت أربعة قطارات عن مقتل 199 شخصا وجرح 1482 كما أفادت آخر حصيلة نشرتها السلطات الإسبانية.
|