في لقاء جمع كاتب هذه السطور بجمع من الطلاب الجامعيين التربويين الذين يقضون فترة تدريبهم الميداني في المدارس وقف أحد الطلاب المتدربين وقال بكل ثقة وجرأة: (يا سعادة العميد.. لقد أمضيت فينا وقتاً ليس بالقليل تحدثنا عن أساليب التعليم التي تستثير المستويات العليا من التفكير، حدثتنا عن أهمية تعويد طلابنا على ممارسة التفكير الإبداعي، وعن تطوير ملكة التفكير الناقد ومهارات التفكير العلمي المنطقي، وعن توظيف أسلوب حل المشكلات لمواجهة المواقف التعليمية المختلفة، حدثتنا عن استراتيجية الاستقصاء (Inquiry) وأثرها العظيم على تمحيص وكسب المعرفة وعلى بناء وتشكيل النسق المعرفي المتماسك في البنية العقلية للطالب. يا سعادة العميد.. هذا الحديث لا نسمعه إلا في قاعات محاضراتكم وورش عملكم فقط، لا شيء على الإطلاق من هذا القبيل نجده في مدارسنا، أنتم تحدوثننا عن شيء وفي المدارس شيء آخر، إن آخر عهدنا بحديثك هذا قد انتهى بنهاية آخر اختبار عقدتموه لنا.
إذا صح كلام هذا الطالب فتلك والله طامة كبرى، ما الذي يحدث لطلابنا عندما يغادرون كلياتهم حاملين وثائق تخرجهم، يبدو أن البيئة التي ينتقل إليها طلابنا بعد التخرج تقول لهم انسوا ما تعلمتموه في كليتكم، في تلك البيئة يعاد التسجيل على ما سجلته الكلية في عقول طلابها، بل تفرض على المعلمين أساليب ومنهجيات مختلفة، انه إعداد جديد للمعلم.
(*)كلية المعلمين بالرياض. |