لقد تبادرت إلى ذهني عزيزي القارئ عبارة عنوان هذه المقالة أثناء تصفحي للصفحات الرياضية اليومية عند قراءتي بعض الأخبار الرياضية المتعلقة بمشاركات منتخباتنا المدرسية والوطنية للناشئين في البطولات الخليجية للسباحة والنتائج المتواضعة التي حققتها تلك المنتخبات (منتخبات مستقبل السباحة السعودية)... وكنت في حديث مع نفسي وتخاطب مع أفكاري حول جدوى مايقوم به اتحاد السباحة في سبيل النهوض بهذه اللعبة الرياضية المهمة والمميزة ذات المردود الصحي والبدني الكبير على الممارس.. الرياضة التي أوصى بها خاتم الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديثه على الرغم من عدم وجود بحار أو أنهار في مكة والمدينة أو حولهما، فعن أبي رافع قال قلت يارسول الله للولد علينا حق كحقنا عليهم؟! قال: (نعم. حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي وان يورثه طيباً) (صحيح مسلم).. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل شيء ليس من ذكر الله فهو سهو ولهو إلا أربعاً: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه لفرسه، وتعلمه السباحة، وملاعبته لأهله).. الرياضة التي حث على ممارستها ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل)... الرياضة التي تتبوأ حديثا مكانة رياضية أولمبية خاصة لايخرج المسيطر على مسابقاتها في أي دورة رياضية إقليمية أو دولية عن المراكز المتقدمة.. إنها رياضة السباحة، الرياضة التي كانت نتائج مشاركة منتخبنا للناشئين في بطولتها الخليجية الأخيرة مخيبة للآمال ومنذرة باحتمال تحقيق نتائج مستقبلية متواضعة جداً.. فلقد حقق منتخبنا المركز الثاني وقد يبدو هذا مقنعاً نسبياً لو كان الفرق بيننا وبين الفريق صاحب المركز الأول معقولاً من حيث حصيلة الميداليات الذهبية، ولكن ان يكون مجموع ميدالياتنا تقريباً ربع ميداليات البطل -المنتخب الكويتي- فهذا غير مقبول وغير مرضٍ البتة ولايتناسب مع اهتمام وتطلعات القائمين على الرياضة السعودية.. وهذا الاخفاق الكبير يحتاج أكثر من وقفة خاصة أنه حدث على مستوى الناشئين وليس فريق الشباب أو العمومي.. فالأسئلة التي تطرح نفسها وتحتاج إلى إجابات مقنعة من اتحاد اللعبة كثيرة يأتي في مقدمتها: لماذا حدث هذا الاخفاق؟ ولماذا جاءت النتائج متواضعة بهذا الحد؟ وما هي أوجه التقصير من جانب اتحاد اللعبة؟ هل سبب الاخفاق هو الإعداد للبطولة أم الجهاز الإداري أم الجهاز التدريبي أم اللاعبون أم برامج وأنشطة الاتحاد المختلفة لهذه الفئة السنية من السباحين؟ الذي يبدو لي وتبادر إلى ذهني من الوهلة الأولى هو أن سبب الاخفاق هو ربما أن سباحينا يتدربون في أحواض جافة وينافسون في المسابح..!! ولكن منشآتنا الرياضية وماتحتويه من مسابح مختلفة تلغي احتمالية صحة هذه الإجابة وإن كانت معظم مدراسنا لاتحتوي على مسابح والسباحة ليست رياضة مدرسية تدرس في درس التربية البدنية، وهذا ما أثاره أحد الزملاء حول سبب هذا الاخفاق.. ولكني شخصياً لاأرى ولا أؤيد جعل الرياضة المدرسية وحصص التربية البدنية شماعة قوية تعلق عليها جميع الاخفاقات في تحقيق الانجازات الرياضية كما يعلق بعض رؤساء ومسؤولي الأندية إخفاقاتهم وارهاصاتهم اللاموضوعية على شماعة التحكيم في كرة القدم.. نعم قد يكون هناك دور للرياضة المدرسية وأنشطتها في التمهيد لتحقيق الإنجاز الرياضي وتشييد البنى التحتية لهذا الانجاز وإرساء اسسه ولكننا سنكون بعيدين جداً عن المنطق وسطحيين عندما نقر أن الرياضة المدرسية هي المحدد الأول والأعظم في تحقيق الإنجاز الرياضي وبصورة مباشرة .. ولي وقفة إن شاء الله في مقالة قادمة مع الرياضة المدرسية ودور درس التربية البدنية في مساهمته في التمهيد لتحقيق الانجاز الرياضي، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول هذا الدور وتوضيح الأهداف الحقيقية وراء أهمية وجود هذا النشاط الرياضي ضمن منظومة ما يقدم من مناهج تعليمية مختلفة.
نعم ربما كان تهميش السباحة في الرياضة المدرسية أحد الأسباب الرئيسة في إخفاق جميع الدول الخليجية في مجاراة المنتخب الكويتي للسباحة في البطولة الأخيرة للناشئين واهتمام دولة الكويت الشقيقة ومؤسساتها التعليمية بالسباحة وبالتربية الحركية وتأصيل المهارات الحركية الأساسية المختلفة لدى طلاب الصفوف المبكرة في المدارس هو سبب التفوق.. قد يكون هذا أحد الأسباب المحتملة خاصة عند الأخذ بالاعتبار أيضا تفوق لاعبي الجمباز الكويتيين خاصة في فئة الناشئين.
ولكن على صعيد آخر قد نتساءل لماذا لم يحدث هذا التفوق والتميز الكويتي على مستوى الناشئين في معظم الألعاب الرياضية الاخرى ان لم يكن جميعها.. وهنا يتبين لنا بوضوح دور الاتحادات الرياضية في تحقيق الانجاز، بالإضافة إلى الدور الكبير - الغائب في مجتمعنا- والمتمثل في الجهود الذاتية والخاصة التي يجب أن تقوم بها عائلة الرياضي الناشئ في تشجيعه على الممارسة والتدريب المتواصل والصبر والمثابرة من أجل تحقيق الانجاز للوطن.
كل ما نتمناه هو أن يعيد الاتحاد السعودي للسباحة حساباته ويقوّم خططه وبرامجه المختلفة وفق منهج علمي مدروس للنهوض باللعبة من جديد والنظر للمستقبل وكلنا ثقة في رغبة وقدرة صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالله رئيس الاتحاد السعودي للسباحة واعضاء الاتحاد في تحقيق ذلك وإعادة سباحينا للمنافسة في المياه.
ماقل ودل
- يقول ايتيين جلسوت (ليس من الصعب ان تعثر على الحقيقة، ولكن المشكلة الكبرى هي أن تحاول الهروب منها إذا وجدتها).
- ويقول سقراط (لايحزنك ان فشلت، مادمت تحاول الوقوف على قدميك من جديد).
* قسم التربية البدنية وعلوم الحركة - جامعة الملك سعود SALA
BOOD@HOTMAIL.COM |