الإعلان المنشور بالجزيرة عن عزم الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي رجل الأعمال المعروف إنشاء كلية أهلية متخصصة في العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة في محافظة البكيرية مع مركز تدريب مهني متطور وإنشاء مركز ثقافي حضاري شامل لتكون هذه الكلية نواة لجامعة أهلية مستقبلاً.. هذا التفكير المتحضر وإن كان في بعض أجزائه استثماري إلا أنه عبر عن عقلية ناضجة ناهضة تستجيب لمعطيات العصر الحضارية استجابة لما ينشده ولاة الأمر تحقيقاً لرفاهية المواطن ورفعته لمواكبة خطوات النهضة المتسارعة الشاملة. والشيخ الراجحي وأمثاله من أبناء محافظة البكيرية كالفريق أول متقاعد عبد الله البصيلي والشيخ محمد بن علي السويلم والشيخ المحمود والشيخ الحديثي وغيرهم كثير في المحافظة وما جاورها من محافظات كالشيخ الفاضل صالح بن مطلق الحناكي من محافظة الرس، ولن استرسل في ذكر أسماء وطنية خيرة في بقية محافظاتنا ومدننا فهم أكثر من أن نعددهم في هذا الحيز.. أقول مثل هؤلاء لم يتوقف تفكيرهم عند حدود المصلحة الذاتية وتضخيم أرصدتهم المصرفية فقط بل إن الوقائع والشواهد - وإن لم يرغبوا إعلانها وذكرها - إلا أنها قد أعلنت عن نفسها حينما يعلن بين الملأ أو تنقل أعمدة الصحف خبراً عن تدشين مشروع خيري هنا وهناك هو ثمرة عطاء جزل من هذا الشهم أو ذاك قصد به رفع رصيده من الأجر والثواب عند الله على حساب رصيده الدنيوي، على أن من يفعل المعروف لن يعدم الثناء الجميل والعرفان بما قدمت يداه وجادت به نفسه..
وعندما يستشعر هؤلاء الخيرون من أبناء الوطن مستقبل أبناء الأمة وما تحتاجه المرحلة من تضحيات مادية ومعنوية وجهود لتحقيق ما يمهد السبل أمام الشباب والناشئة للنهل من معين المعرفة والعلم الحديث، فإنما هم قد أدركوا مدى المسؤولية التي حباهم الله بها ليشاركوا قيادتهم وحكومتهم تخطيط وتنسيق وتنفيذ مشروعات استثمارية وطنية هادفة لتحقيق أسس وأطر التنمية وتطوير ما قد نفذ من جوانب حيوية ناهضة يعود مردودها لمستقبل الوطن وأجياله الواعدة التي ستطالبنا جميعاً وتسائلنا عما أعددنا لها في ظروف كانت مؤاتية لبناء قاعدة تأسيسية لمستقبلهم.. والعقول البانية المتحضرة لا تقتصر على تشييد العمائر السكنية والمتاجرة بالأراضي، فهذه تترك لنظرة أقل شمولية وأضيق مجالاً. فالعصر ومدلولاته وثوابته الحضارية تتخطى هذا المفهوم المتعثر إلى مجالات مشرقة أوسع وأرحب في فضاءات الرقي والتقدم بالبلد وأهل البلد، فهؤلاء أدركوا أن الزمن والدول من حولنا في سباق حضاري محمود فأبوا الاقتصار على التفرج والتعجب وأيقنوا بثاقب فكرهم وطموحهم. أنهم يملكون مقومات القدرة والعمل الجاد، وها هي واحدة من كثير من الطموحات التي ما زالت تتحقق على يد هؤلاء الناهضين في كل مدننا.. فبارك الله فيهم وبعملهم وأكثر من أمثالهم.
علي بن محمد الخزيم |