تعدُّ سوق الأسهم المحلية من الأسواق الهلامية التي لا يمكن مشاهدتها؛ نظراً لعدم وجود بورصة أسهم بالسعودية مثل بقية أسواق المال العربية والعالمية يلتقي فيها المتداولون من باعة ومشترين في مكان معلوم؛ حيث يقتصر التداول الحالي على التنفيذ عبر البنوك التجارية والوحدات الطرفية التي تنفذ صفقات الأسهم السعودية للعملاء كبديل عن التنفيذ عبر البورصة. هذا وبما أن الشيء بالشيء يُذكر فيجدر القول بوجود عدد لا بأس منه من المستثمرات بسوق الأسهم المحلية من سيدات أموال (لا) أعمال، مع العلم بأنه يوجد فرق بين سيدة الأعمال التي تدير منشآت أعمال بعد أن تحصل على سجل تجاري من الجهات المختصة وبين سيدة الأموال التي تقوم بتدوير أموالها عبر المتاجرة في أسواق المال ولا تحتاج إلى سجل تجاري أو إتمام إجراءات معقدة واشتراط الوكيل شرعي لممارسة التجارة في قطاع الأعمال الحرة.
وعودةً إلى موضوع الأسهم السعودية؛ حيث يوجد العديد من الزوايا التي يمكن مناقشتها من خلال المقال، خاصة أن سوق الأسهم المحلي في الوقت الراهن مقبل على قفزة جديدة وتحقيق نقاط جديدة في المؤشر العام الذي سوف يسجل رقم مقاومة جديدة يعتبر أساساً لانطلاقة صلبة تزيد على 5.000 نقطة.
ومن الخطأ القياس على مجموع نقاط سابقة لسوق الأسهم سجلت في ظروف اقتصادية وسياسية مختلفة تغيرت في الفترة الحالية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ارتفاع سعر البترول الذي يتراوح ما بين 32-30 دولاراً. هذا بجانب الاستقرار السياسي النسبي بالمنطقة، وعودة الرساميل المهاجرة بعد أحداث 11 سبتمبر.
قبل أسابيع كان بعض المراقبين بسوق الأسهم يراهنون على أن السوق لن يتعدى 4.8750 وفي كل مرة يطلقون صفارات الإنذار والتحذير من انخفاض السوق، فيما يسجل سوق الأسهم ارتفاعاً ومساراً تصاعدياً صلباً!!
وبعد أن سجل مؤشر الأسهم نقاطاً جديدة واستقرَّ على 3.900 أخذ العديد منهم يراهنون على تراجع وانهيار قريب بالسوق، باعتبار أن السوق مقبل على مرحلة تصحيحية حسب ما يزعمون ولن يتماسك، وتحدثوا عن انهيار؛ مما آثار الذعر عند بعض المتعاملين بالأسهم حتى فرَّط العديد منهم فيما بنوه!!
في الحقيقة بيع صغار المستثمرين لأسهمهم بسرعة دون حسابات فنية ومنطقية يوفِّر فرصاً ربحية أمام الغير بشراء الأسهم بقيمة سوقية منخفضة جداً، ثم معاودة بيعها مرة أخرى لصغار المستثمرين بقيمة أعلى بكثير من المعدل الطبيعي، علاوة على أنه يُحدث هزَّات متعمدة لسوق تضر ولا تفيد!!
***
الأسبوع المنصرف تلقَّيْتُ العديد من المكالمات ممن نحبهم في الله وندعو لهم بالتوفيق بعد كل صلاة مفادها الخروج من السوق وتسييل المحفظة الاستثمارية؛ أي بيع ما بالمحفظة الاستثمارية من أسهم، وأخذ السيولة النقدية للخروج من السوق قبل الانهيار كما يتوقع العديد.
ومع ذلك قرَّرتُ البقاء وعدم الانسحاب من سوق الأسهم، خاصة أن أحد الأسرار المخبأة في أدراجي تؤكد أن الأسهم السعودية الآن في مرحلة تسجيل نقاط مقاومة جديدة تُعتبر مقياساً آخر حديثاً للمقاومة والانطلاقة فوق 5.000 كنقطة مقاومة جديدة يُقاس عليها مرونة السوق ونقاط الدعم والضعف للشركات المساهمة المدرجة فيه، وسوف يتجاوز السوق معدل النقاط القديم وينطلق إلى معدل آخر قريباً بإذن الله.
هذا وإن حدث في سوق الأسهم أي تراخٍ أو تراجع بسيط لن يكون بسبب الحسابات القديمة لنقطة مقاومة سوق الأسهم، لكن سيكون بسبب قرب اجتماع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) التي من المقرر لها أن تفصح عن:
1- نسبة الأرباح الموزَّعة على كل سهم.
2- تنفي أو تأكد صحة وجود منح قدَّرها المراقبون بسهم مجاني أمام كل 8 أسهم من أسهم شركة سابك.
3- إضافة إلى التصريح حول مصير ديون الشركة المقدرة بـ 17 مليار ريال وطريقة تسديدها.
وبعد ذلك الاجتماع والإفصاح سيمرُّ سوق الأسهم بسناريو انخفاض طفيف ومتوقع، خاصة أنه سيصادف وقتها أن يكون كذلك سهم الاتصالات قريباً خالياً من الأرباح بعد توزيع الربح على السهم؛ مما سيخفِّض سعر سهم الاتصالات قليلاً؛ لخلوه من الأرباح السنوية مثل سهم سابك؛ مما سيؤثر على المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية لفترة بسيطة جداً لن تتعدى أياماً، وستكون عديمة التأثير بالسوق؛ نظراً لإمكانية رفع المؤشر من قِبَل سهم شركة الكهرباء التي تُعدُّ من ضمن الثالوث القيادي لسوق الأسهم المحلية (سابك، الاتصالات، الكهرباء).
علماً بأنه خلال الفترة الماضية لم يتحرك سهم شركة الكهرباء كما يجب، وحان الوقت لتأخذ شركة الكهرباء زمام سوق الأسهم، خاصة بعد الارتفاع الملحوظ بسعر سهمي سابك والاتصالات، وبقاء الكهرباء دون تحرُّك رغم أنه لاعب رئيس بسوق الأسهم.
هذا ويجدر التنبيه على أن سهم الكهرباء يعدُّ سهماً معاكس الحركة لاتجاه السوق، فالمراقب لسوق الأسهم يلاحظ أنه عند ارتفاع المؤشر العام لسوق الأسهم ينخفض أو تهدأ حركة سهم الكهرباء، وعند مرور السوق بهزة أو انخفاض في المؤشر العام يبدأ سهم الكهرباء بالتحرك الإيجابي وأخذ زمام المبادرة عبر رفع سقف نقاط التداول. وعليه يطلق على سهم الكهرباء سهم المهمات الصعبة؛ لأنه في العادة لا يرتفع إلا في الأوقات الحرجة التي يمر بها سوق الأسهم، ويرفع نقاط المؤشر عند الانخفاض على الفور.
وعليه، بناءً على هذا العرف السائد بسوق الأسهم السعودية منذ فترة لن يحدث بإذن الله تعالى أي انهيار مقلق وقوي للسوق، بل على العكس، من المتوقع أن يحقق المؤشر العام نقاط دعم ومقاومة جديدة بعد أن يستلم سهم الكهرباء قريباً زمام الأمور من سهمي الاتصالات وسابك، ويحقق سوق الأسهم أرقاماً جديدة تدحض مزاعم قُرْب انهيار السوق التي يطلقها البعض هنا وهناك!!
***
وقطعاً لم يَبْقَ للتذكير.. سوى القول: بأني أسمع.. ولكن لا أرى طحناً!!
فسوق الأسهم السعودية بخير، ولن ينهار بإذن الله تعالى؛ نظراً للاستقرار السياسي النسبي بمنطقة الشرق الأوسط من جهة، ولتحسُّن وثبات أسعار البترول من جهة، ومعدل الفائدة من جهة أخرى.
عوضاً عن رجوع رؤوس الأموال المهاجرة إلى السوق العالمية بعد أحداث وأزمات 11 سبتمبر، ودخول سيولة نقدية كبيرة لسوق الأسهم، سجل معها السوق أرقام تنفيذ صفقات قُدِّرت بـ 4 مليارات ريال في يوم تداول واحد مع استمرار التنفيذ بمبالغ نقدية قريبة من ذلك المبلغ لفترات متقاربة تبشِّر برجوع المتداولين إلى سوق المال من جديد بثقة واضحة.
وبناءً على ذلك فأي اهتزاز بسوق الأسهم السعودي سيكون مصدره الحقيقي حالة الذعر التي تُبَثُّ بالسوق، إضافةً لما سبق شرحه حول خلوِّ الأسهم القيادية قريباً من الأرباح بعد توزيعها على المساهمين.
|