* بغداد - د.حميد عبد الله:
احدث إقرار الدستور العراقي المؤقت شقاقاً في التحالف الشيعي الكردي ودق إسفيناً في العلاقة بين الجانبين.
ففيما استقبل الأكراد رموز وجماهير الدستور الجديد بالفرحة والزهو والشعور بالانتصار، استقبله الشيعة بالانكسار والإحباط والتحفظ. وقد ترجم الطرفان مشاعرهما من الدستور في حرم جامعة الموصل حيث وقعت مواجهات بين الطلبة العرب, ومعظمهم من الشيعة والأكراد، سببها شعور العرب بنزعة التسلط الكردي التي عبرت عن نفسها في كل مظاهر الحياة وخاصة في المنطقة الشمالية.
وما زاد الطين بلة هو التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الكردي هوشيار زيباري والذي أعلن فيها رفضه لما اسماه ب(دكتاتورية الأغلبية) ويعني بها رغبة الشيعة في فرض بعض رؤاهم على الدستور ونجاح الأكراد في مجلس الحكم بإحباط التطلعات الشيعية.
أول رد فعل سياسي للشيعة على (الانتصار الكردي) هو المذكرة التي تقدم بها عدد من قادة الأحزاب الشيعية الى مجلس الحكم بعقد جلسة لاعادة النظر بصلاحية وزير الخارجية الكردي هوشيار زيباري بعد ان سجلت على أدائه ملاحظات جوهرية من بينها اتهامه بأنه يمثل الحزب الديمقراطي الكردستاني اكثر مما يمثل العراق.
بادرة أخرى صدرت من جلال الطالباني خلال مراسم توقيع الدستور فسرها الشيعة بأنها نوع من السخرية والاستخفاف بهم, حيث ألقى طفل عراقي قصيدة شعبية بمناسبة توقيع الدستور جاء فيها (ان الدم الذي يجري في عروقنا نوعه حيدري) وهو تعبير ذو دلالة شيعية واضحة وقد علق جلال الطالباني على ذلك مازحاً (سوف نناقش هذه المادة في اجتماع يوم غد ضمن الفقرة ج) وهي الفقرة التي ظلت موضع خلاف بين الشيعة والأكراد والتي حسمت لصالح الأكراد.
أما في كركوك فقد فرضت الشرطة منع التجوال في المدينة بسبب توتر الأجواء السياسية بين الأكراد من جهة والعرب والتركمان من جهة أخرى حيث سارع الأكراد بعد لحظات من توقيع الدستور الى نزع العلم العراقي عن المباني الحكومية ورفع الإعلام الكردية, رافق ذلك حملة إعلامية ودعائية كردية ترمي الى تغيير اسم كركوك الى( بابا كركر) حيث ظهر نائب محافظ كركوك من على شاشة تلفزيون كركوك المحلي واوضح ان الاسم الحقيقي لكركوك هو بابا كركر وقد تم تغيير الاسم لاسباب تتعلق بطمس هوية المدينة ومصادرة تاريخها، وكادت المشاحنات بين الأكراد والعرب ان تؤدي الى مجزرة لولا تدخل رجال الشرطة والقوات الأمريكية وفرض منع التجوال حتى صباح اليوم التالي.
الشارع العراقي استقبل الدستور المؤقت بخيبة أمل وإحباط، وبعكس التوقعات التي كانت ترجح هبوطاً في سعر صرف الدولار بعد التوقيع على الدستور شهد الدولار ارتفاعاً طفيفاً على سعره السابق وهي دلالة توحي للعراقيين بسوء الأوضاع السياسية بدلاً من تحسنها.
|