Friday 12th March,200411488العددالجمعة 21 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ميادين ............... ميادين ...............
ذيب الذيابة
عايض البقمي

فاجأني بكلمات تقطر تقديرا وثناء على مقالتي الأخيرة حول أوضاع فروسيتنا وواقعها الحزين!!. ووصف المقال في سياق ثنائه (بالديناميت) بما تحتويه من مؤشرات يستيقظ لها النائم وينتبه لها الغافل.
شكرت الرجل على مشاعره، وقبل ان أواصل حديثي قاطعني مستدركاً: لكن نهاية مقالتك جاءت في مسارك الأخير المعتاد بشكل لم يكن متوقعاً.. قلت له تقصد شطر البيت الذي يقول:
الذيب إلى منه عوى
جاويه ذيب
قال إي بالله.. ففاجأته: ومن أي الذياب أنت؟
قال: وهل الذيابة أنواع؟!
قلت: تعال اسمعك هذه القصة العابرة والواقعة :
فقد كنت مؤخراً في زيارة لإحدى الدول العربية وبينما كنت خارجاً من أحد المطاعم برفقة السائق. كانت اصوات سقوط الثلوج تملأ المكان.. وكان ذلك البياض الجميل يملأ ذلك الموقع.
سألت السائق عن ذلك الحيوان الذي يقبع بجوار المطعم ففاجأني بأنه (ذيب).
قلت: ذيب في المدينة؟ ما يصير!
ودفعني الفضول وعدم التصديق للعودة إلى صاحب المطعم وسألته:


ما هذا الحيوان؟.
فأجاب (ذيب)

فقلت: ذيب؟! الا تخاف يا رجل من هذا الكائن المفترس؟
ضحك وقال: لقد اعتدنا عليه واعتاد علينا. والحكاية ببساطة أننا نملأ بطنه فنسلم من شره!!
عدت وفي رأسي أكثر من تساؤل: إلى هذا الحد وصلت الأحوال بالذيب!!
إلى هذا الحال بلغ به الهوان وهو الذيب الذي ترتعد له الأبدان والذي ما يشاور عندما يأخذ فريسته عنوة واقتداراً!.
يا الله العجب! ان يصبح الذيب رهناً لفضلات المطاعم وكأنه (نعجة) مغلوبة على أمرها؟!.
طافت بذهني سالفة أحد شيبان الجماعة قبل سنوات وكان يوصي احفاده الصغار بين حين وآخر بان يكونوا (ذيابة) وان يتشبه (الصبي) منهم بالذيب في نظرته وقوة شكيمته لأن ذلك -في نظره- معيار للرجولة والذرابة والشجاعة.
اين ذلك المنظور يا ترى من ذيابة المدينة بعد تشذيب مخالبها وتقويم أنيابها لتكون ناعمة! مدللة! مستكينة تنتظر الفتات لتحظى بالعيش الآمن المطمئن!!
هنا عرفت مدى مصداقية المقالة (الديناميت) التي كتبتها ولقد عوى الذيب لأنه كان أصلا يعوي بصوته دون خوف أو تملق أو رهبة من هذا المسؤول أو ذاك المنتقد!
ويبدو ان الزمان تغير, ويبدو أن ذيب الصحراء الذي يملأ الميدان بوجوده وعزته وقوته وإقدامه قد تنحى, لقد كان المقدام يعوي ولو كان في فوهة بركان لأنه على يقين من بأسه وسطوته, اما ان يجاريه ذيب اخر في العواء وهو في مكان نفوذه فذاك من باب المستحيل!
لقد استأنست الذيابة فيما يبدو وامتد شؤم المدينة اليها لتسير كل الذياب ذليلة مستكينة خلف ذئب المدينة الناعم الدلوع!! والمنهزم.
المسار الأخير


ما عاد يغريني القمر ليلة النصف
عادي طلع والا تحجبه سحابه


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved