هذه الدنيا تعب وعناء, ودرك وشقاء, هذا يشكو مرضاً وسقماً, وذاك يشكو تعباً وفقراً, والآخر يشكو ظلماً وجوراً, ورابع هماً ودَيْناً..؟ يفكر البعض بما أصابه وكأنه لم يصب به إلا هو، ويفكر الآخر بالتخلص من ذلك بأي شيء ينسيه ذلك العناء، ويفكر قليل الإيمان في أن ينهي نفسه ليتخلص من ضيقه, يظل الطريق أمامهم مسدودا ومظلما, وكلهم يبحثون عن السعادة.
نعم أقول السعادة, السعادة الحقيقية, ليست سعادة المال, ولا سعادة المنصب والجاه وغيرها من أمور هذه الدنيا الفانية, إنها سعادة الدنيا والآخرة, بها يتجرع المرء عناء وشقاء هذه الدنيا بنفس راضية مطمئنة, يعلوها الإيمان بالله تعالى, والرضا بما أصابه, ويعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وأن ما أصابه بما كسبت يده, ويعفو ربنا عن كثير, يتأمل كتاب الله ليبحث عن السعادة الحقيقية, فيجدها في آية, معانيها عظمية, وطريقها سهل لمن وفقه الله؛ فيسعد ذلك المرء في دنياه واخرته.
قال جل ذكره وتقدست أسماؤه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}, حياة طيبة في الدنيا فيعيش فيها سعيداً وفي الآخرة {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}, إن هذه الآية الكريمة تحتاج منا الى وقفة, ثم الى تأمل وتدبر بما فيها من معانٍ عظيمة, ثم الى عمل وجد وصبر ومصابرة على عمل الصالحات, من يتصبر يصبره الله ويُعِنْه على الخير.
|