Friday 12th March,200411488العددالجمعة 21 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الطريقي رجل البترول الأول الطريقي رجل البترول الأول
باقر الشماسي

لقد قرأت عن هذا الرجل عبدالله الطريقي - رحمه الله - الشيء القليل من مسيرة حياته العملية وانجازاته الوطنية. ولكن ذلك لا يمنع ان أكتب هذه المقالة المتواضعة في حقه، حسبما توافر لدي من معلومة ولو كانت قليلة لكي أسهم بقدر الامكان في وضع نقطة ضوء على شخصية الطريقي وانجازاته في مجال قضايا النفط، وابعاد مردوداته الاقتصادية الاقتصادية وفوائده الجمة على وطنه المنتج لهذه المادة الحيوية، ومدى اهميته الكبرى في تحريك ودوران آلة المصانع الغربية العملاقة وعبر قراءتي البسيطة عن هذا الرجل، وجدت نفسي مندفعاً بحب وتقدير للرجل لما تركه من بصمات مضيئة ولقد شهد له الكثير من الكتاب والمفكرين البارزين في بلاده، ومن خارجها من العرب. لقد شهدوا له باخلاصه وامانته وكفاءته العلمية والادارية، وجهوده العظيمة وعطاءاته لوطنه من خلال تخصصه وادارته لهذا الكنز الهائل، او قل لهذه البحيرة المانحة بالذهب الأسود (التي ندوسها تحت اقدامنا)
لقد اقتحم وبجدارة حسب شهادة الكثيرين من النخب المرموقة والاكاديمية مجاهل هذه الثروة، التي حبى الله بها هذا الوطن واهله إذ كان اول رجل بترول عربي في منطقة الشرق الأوسط قال وبجرأة أمام شركات الاحتكارات وامام العالم (إن بترول العرب للعرب)
وقد روى لنا الاستاذ عبدالعزيز السنيد، مستشهداً بدماثة الخلق الرفيع التي تكمن بين جوانح هذا الرجل، الطريقي (فقال إن الطريقي قد توسط له لدى الحكومة السورية لدخول سورية حيث كان السنيد ممنوعاً من دخول سورية حينذاك بسبب انتقاده لطريقة الوحدة التي تمت بين مصر وسورية، نظراً لكونها جاءت من فوق قمة الهرم لأنها وحدة مرتجلة غير مدروسة جاءت بدافع شحنات عاطفية وقومية، لا تمتلك بعداً، او مشروعاً ديمقراطياً واجتماعياً، واقتصادياً مدروساً وقد استجاب عبدالله الطريقي لطلب الاستاذ السنيد على الرغم من الاجواء السياسية الاقليمية والدولية الشائكة المعقدة وعلى الرغم من ان المرحوم الطريقي ميال وقتذاك لهذه الوحدة مع بعض التحفظات عليها. ومع ذلك استجاب لطلب السنيد، وقد استجابت الحكومة السورية لوساطة الطريقي نظراً لاعتبارات عديدة منها: ما يتمتع به الطريقي من شخصية ذات وزن كبير عربياً، واقليمياً
وفي ضوء هذه القدرات المتعددة الجوانب والسمعة الوطنية الطيبة عينه الملك سعود رحمه الله وزيراً للبترول فكانت ثقة الملك سعود في هذا الرجل في محلها وذلك في مارس 1960م، وكان ضمن تشكيلة وزارية وطنية ممتازة وعبر قيامه بأعباء هذه المسؤولية الكبيرة قدم لبلاده من خلالها خدمات جلية، اذ وظف كل وقته وراحته واهتماماته ومهاراته لخدمة وطنه، واستثمر هذه الطاقة الهائلة من الثروة لتصب في خانة عمران البلاد من اقصاه إلى اقصاه، والارتقاء بهذه البلاد إلى المستوى اللائق نحو نهضة شاملة من صحية وتعليمية وتنموية ... الخ.
تتناسب وهذه الثروة حيث رسم الطريقي لوزارته منهجية ذات مفاصل لتوسيع زخم مردود هذه الثروة، وفي مقدمة ذلك تحسين وتعديل العائد المالي من الطاقة. وهذا أمر ليس بالسهل الحصول عليه من عرين الأسد (شركات الاحتكارات النفطية) لولا الجهود الجبارة التي بذلها الطريقي بمساندة من الملك سعود وإلى جانب ذلك سعيه الدءوب في رفع النسبة المئوية للعمالة المحلية كما كان له دورا مهم وكبير في تأسيس منظمة (اوبك) بتوجيه من الملك سعود ومؤازرته لكي يستعين بها في منازلته أمام الشركات النفطية العالمية الأمر الذي اغضبت فيه مشاريعه وطموحاته التي رسمها لخدمة شعبه ومليكه تلك الشركات فسعت الى مضايقته حتى اضطر الى تقديم استقالته
وحتى بعد خروجه من الوزارة لم يتوقف عن منافحته لهذه الشركات الاحتكارية العالمية فأنشأ مجلة متخصصة في الشؤون النفطية ومشتقاتها، وابعادها الاقتصادية من تسويق ووسائله الحديثة، وغير ذلك من امور علمية تنويرية عن اهمية هذه الطاقة
ان حياة هذا الرجل حافلة بالنشاط والعطاء يعتز بها كل مواطن يعي أهمية هذه الثروة التي تريد الشركات استنزافها في اسرع وقت، وبأزهد ثمن ان امثال عبدالله الطريقي ليس جديرا بمقالة هنا أو هناك تقيِّم حياته العابقة بالعطاء وحسب بل اتمنى لو يوضع اسمه على احد المعاهد العلمية مثلاً، أومجلة ثقافية تحمل اسمه تنشئها وزارة الثقافة وفاء لانجازاته وعطاءاته الجزيلة ليكون ذلك كرسالة وطنية تخاطب الاجيال لكي يحذوا حذو امثال هؤلاء الرجال الذين تفانوا في خدمة وطنهم وشعبهم بكل اخلاص ونزاهة وشجاعة.. وبلادنا من جنوبها الى شمالها ومن غربها الى شرقها ثرية بالمثقفين والكتاب والمفكرين الوطنيين الذين نافحوا وأسهموا بنصيب وافر في وضع لبنات نهضة هذا الوطن العزيز منذ اكثر من نصف قرن امثال الشيخ حمد الجاسر علامة الجزيرة، وشيخ المؤرخين فيها وكذا الشيخ عبدالعزيز بن الشيخ ابراهيم المعمر، الذي كان مستشاراً للملك سعود، وابوه من قبله كان احد مستشاري الملك عبدالعزيز رحمهم الله جميعاً وكذلك المفكر والكاتب المرحوم عبدالله القصيمي (بصرف النظر عن تنقله من محطة لاخرى) ولكنه يبقى مفكراً، وله مكانة مرموقة لدى جيله من جهابذة الفكر في مصر ولبنان، حين كان يتلقى علومه في لبنان والازهر الشريف وهذه المحطات قد لا تتماهى وبعض الأفكار الأخرى حينذاك. وكذلك الدكتور عبدالرحمن منيف الكاتب والروائي المعروف، رحمه الله، حيث توفاه الله قبل أشهر من كتابة هذا الموضوع. وهذه الكوكبة من المثقفين والمفكرين التي اعطت لبلادها الكثير ماهي الا على سبيل المثال لا الحصر.
أما اليوم فالساحة الادبية والفكرية في بلادنا تعج بهم كماً ونوعاً، اثرت وما زالت تثري الساحة العربية فكراً وثقافة متقدمة وما يهمنا ويعنينا هنا هي الكيف وليس الكم. هي التي تسهم بعطائها في رفع شأن هذا الوطن نحو المزيد من الرقي والتقدم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved